للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ فأثنَى عليهِنَّ، فيدُلُّ على أنَّه فِعلٌ منهم أثنَى عليهم به، وفِعلُهم هو الاغتِسالُ دونَ انقِطاعِ الدَّمِ، فشَرطَ لإِباحةِ الوَطءِ شَرطَين: انقِطاعَ الدَّمِ، والاغتِسالَ، فلا يُباحُ إلا بهما، كقَولِه تَعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦] لمَّا اشتَرطَ لدَفعِ المالِ إليهم بُلوغَ النِّكاحِ والرُّشدِ لم يُبَحْ إلا بهما، وكذا ههنا، ولأنَّها مَمنوعةٌ من الصَّلاةِ لحَدثِ الحَيضِ، فلم يُبَحْ وَطؤُها كما لو انقطَعَ لأقَلِّ الحَيضِ (١).

أمَّا الحَنفيةُ فقد فرَّقوا بينَ أنْ يَنقطعَ الدَّمُ لأكثَرِ مُدةِ الحَيضِ، وهي عَشرةُ أيامٍ، وبينَ أنْ يَنقطعَ لأقَلِّه، وهو ثَلاثةُ أَيامٍ، وكذا بينَ أنْ يَنقطعَ لتَمامِ عِدَّتِها، وبينَ أنْ يَنقطعَ قبلَ عادَتِها.

فذهَبوا إلى أنَّه إذا انقطَعَ الدَّمُ لتَمامِ العَشرةِ، وهي أكثَرُ مُدةِ الحَيضِ عندَهم؛ فإنَّه يَحلُّ وَطؤُها بمُجردِ الانقِطاعِ، ولكنْ يُستحبُّ له ألَّا يَطأَها حتى تَغتسِلَ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ بقِراءةِ تَخفيفِ الطاءِ وتَشديدِها، فمَعنى التَّخفيفِ: حتى يَنقطعَ حَيضُها، فنَحمِلُها على العَشرةِ، ومَعنى التَّشديدِ: حتى يَغتسِلنَ فحَمَلناه على ما دونَها عَملًا بالقِراءَتينِ.


(١) «الاستذكار» (١/ ٣٢٣)، و «التمهيد» (٣/ ١٧٨)، و «القوانين الفقهية» (٣١)، و «الحاوي الكبير» (١/ ٣٨٧)، و «المهذب» (١/ ٤٥)، و «روضة الطالبين» (١/ ٣٠٠)، و «المجموع» (٢/ ٣٦٨)، و «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٧٣)، و «مغني المحتاج» (١/ ١١٠)، و «كشاف القناع» (١/ ١٩٩)، و «المغني» (١/ ٤٣٦، ٤٣٧)، و «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٦٢٦، ٦٢٧)، و «الإنصاف» (١/ ٣٤٩)، و «الإفصاح» (١/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>