للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغَيرِ عِلَّةٍ مَحدودةٍ، لا سِيَّما في مَساجدَ قد عُلِمَ أنَّ رَيعَها يَفضلُ عن كِفايتِها دائِمًا، فإنَّ حَبسَ مِثلِ هذا المالِ مِنْ الفَسادِ، ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (٢٠٥)[البقرة: ٢٠٥] (١).

وسُئِلَ أيضًا عن الوَقفِ إذا فضَلَ مِنْ رَيعِه واستُغنيَ عنه؟

فأجابَ: يُصرَفُ في نَظيرِ تلكَ الجِهةِ، كالمَسجدِ إذا فضَلَ عن مَصالحِه صُرِفَ في مَسجِدٍ آخَرَ؛ لأنَّ الواقفَ غَرضُه في الجِنسِ، والجِنسُ واحِدٌ، فلو قُدِّرَ أنَّ المَسجدَ الأولَ خَرِبَ ولم يَنتفعْ به أحَدٌ صُرِفَ رَيعُه في مَسجدٍ آخَرَ، فكذلكَ إذا فضَلَ عن مَصلحتِه شيءٌ فإنَّ هذا الفاضِلَ لا سَبيلَ إلى صَرفِه إليهِ ولا إلى تَعطيلِه، فصَرفُه في جِنسِ المَقصودِ أَولى، وهو أقرَبُ الطُّرقِ إلى مَقصودِ الواقفِ، وقد رَوَى أحمدُ عن عَليٍّ أنه حَضَّ الناسَ على إعطاءِ مُكاتِبٍ ففضَلَ شيءٌ عن حاجتِه فصَرَفَه في المُكاتِبينَ (٢).

وقالَ ابنُ مُفلِحٍ الحَنبليُّ : وما فضَلَ مِنْ حُصرِه وزَيتِه وقَصبِه ونَفقتِه، وعِبارةُ «الوَجيز» و «الفُروع»: وما فضَلَ عن حاجتِه وهي أَولَى عن حاجَتِه جازَ صَرفُه إلى مَسجدٍ آخَرَ، قالَه أحمدُ؛ لأنه انتِفاعٌ في جِنسِ ما وُقِفَ له، فكانَ مَصروفًا له في مِثلِه وكالهَديِ والصَّدقةِ به على فُقراءِ المُسلمينَ، نَصَّ عليه في رِوايةِ المَرُّوذيِّ، واحتَجَّ بأنَّ شَيبةَ بنَ عُثمانَ الحجِّيِّ كانَ يَتصدَّقُ بخُلْقانِ الكَعبةِ، ورَوى الخلَّالُ بإسنادِه أنَّ عائِشةَ أمَرَتْه بذلكَ،


(١) «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٢١٠).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٢٠٦، ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>