للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا عَمَّرَها رَدَّها إلى مَنْ له السُّكنى؛ لأنَّ في ذلكَ رِعايةَ الحَقَّينِ: حقِّ الواقفِ وحَقِّ صاحبِ السُّكنى، ولأنه إذا آجَرَها وعمَّرَها بأُجرَتِها يَفوتُ حقُّ صاحِبِ السُّكنى في وَقتٍ دونَ وَقتٍ، وإنْ لم يُعَمِّرْها تَفوتُ السُّكنى أصلًا، فكانَ الأولُ أَوْلى، ولا يُجبَرُ المُمتنعُ على العِمارةِ؛ لِما فيه مِنْ إتلافِ مالِه، فأشبَهَ امتِناعَ صاحِبِ البَذْرِ في المُزارَعةِ، ولا يَكونُ امتِناعُه رِضًا منه ببُطلانِ حقِّهِ.

وإذا ماتَ أنفَقَ مِنْ الغلَّةِ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ نَفقةَ إعمارِ الوَقفِ تَكونُ مِنْ الغلَّةِ، سَواءٌ كانَ على مُعيَّنٍ أو غيرِ مُعيَّنٍ، وإنِ اشتَرطَ الواقفُ إصلاحَ على مُستحِقِّه لم يَصِحَّ، قالوا: إذا اشتَرَطَ الواقفُ إصلاحَ الوَقفِ على مُستحِقِّه كمَن حَبسَ دارًا على رَجلٍ ووَلدِه ووَلدِ وَلدِه واشتَرطَ على الذي حَبسَ عليه إصلاحَ ما يَرثُّ منها مِنْ مالِه لم يَصحَّ الشَّرطُ؛ لأنَّ هذا كِراءٌ مَجهولٌ؛ إذْ لا يَدري بكمْ يَكونُ الإصلاحُ، والوَقفُ صَحيحٌ؛ لأنَّ البُطلانَ مُنصبٌّ على الشَّرطِ لا على الوَقفِ، ولأنه قد فاتَ في سَبيلِ اللهِ، وتَكونُ مَرَمَّتُها وإصلاحُها مِنْ غَلةِ الوَقفِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٢١)، و «الهداية شرح البداية» (٣/ ١٧)، و «العناية» (٨/ ٤٤٤، ٤٤٦)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٢٢٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٠٨، ١٠٩)، و «اللباب» (١/ ٦٢٣، ٦٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>