للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعيَّنٍ، هل تَكونُ النَّفقةُ على إعمارِ الوَقفِ وإصلاحِ ما وَهَى مِنْ بِنائِه وسائِرِ مُؤناتِه التي لا بُدَّ منها مِنْ مالِه؟ أم مِنْ غَلَّةِ الوَقفِ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى إنَّ نَفقةَ الوَقفِ تَكونُ مِنْ مالِ المَوقوفِ عليه المُعَيَّنِ.

قالَ الحَنفيةُ: لو كانَ الوَقفُ على رَجلٍ بعَينِه، كمَن وقَفَ دارَه على سُكْنى ولَدِه، فالعِمارَةُ على مَنْ له السُّكنى، ولا يُجبَرُ عليها؛ لأنَّ المَنفعةَ له، فكانَتِ المُؤنةُ عليه؛ لقَولِه : «الخَراجُ بالضَّمانِ»، كالعَبدِ المُوصَى بخِدمتِه إنَّ نَفقتَه على المُوصى له بالخِدمةِ، كذا هذا، ولا يُؤخَذُ مِنْ الغلَّةِ؛ لأنه مُعيَّنٌ يُمكِنُ مُطالَبتُه، وإنَّما يَستحِقُّ العِمارةَ عليه بقَدرِ ما يَبقَى المَوقوفُ على الصِّفةِ التي وقَفَه فيها، وإنْ خَرِبَ يُبنَى على ذلكَ الوَصفِ؛ لأنها بصِفتِها صارَتْ غلَّتُها مَصروفةً إلى المَوقوفِ عليه، فأمَّا الزِّيادةُ على ذلكَ فليسَتْ بمُستحَقَّةٍ عليه، والغلَّةُ مُستحَقَّةٌ له، فلا يَجوزُ صَرفُها إلى شيءٍ آخَرَ إلا برِضاهُ.

فإنِ امتَنعَ مِنْ العِمارةِ أو لم يَقدرْ عليها بأنْ كانَ فَقيرًا آجَرَها القاضي وعمَّرَها بالأُجرةِ؛ لأنَّ استِبقاءَ الوَقفِ واجِبٌ ولا يَبقى إلَّا بالعِمارةِ، فإذا امتَنعَ عن ذلكَ أو عجَزَ عنه نابَ القاضي مَنابَهُ في استِبقائِه بالإجارةِ، كالعَبدِ والدَّابةِ إذا امتَنعَ صاحِبُها عن الإنفاقِ عليها أنفَقَ القاضي عليها بالإجارةِ، كذا هذا.

ولا تَصحُّ إجارَةُ مَنْ له السُّكنى، بل المُتَوَلِّي أو القاضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>