الإجارةِ، فإنِ اشتَرطَ نَفيَها امتَنعَ، لكنْ لا يُؤجِّرُ إلا إذا كانَ ناظِرًا أو أَذِنَ له الناظِرُ في ذلكَ، ويَملكُ الأُجرةَ كما لو أجَّرَ مِلكَه، وتُصرَفُ إليه الأجرةُ في الحالِ.
وإنْ كانَ الوَقفُ على جِهةٍ كالفُقراءِ لم يَملكِ المَوقوفُ عليه المَنفعةَ بلِ الانتفاعَ، وكذا لو كانَ الوَقفُ على مُعيَّنٍ وقيَّدَ بشَيءٍ -كما لو وقَفَ دارًا على أنْ يَسكنَها مُعلِّمُ الصِّبيانِ بالقَريةِ مثلًا- ليسَ له أنْ يُسكِنَها غيرَه بأجرةٍ ولا بغيرِها، وقَضيةُ هذا مَنعُ إعارتِها.
قالُوا: إنْ شرَطَ الواقفُ النَّظرَ على وَقفِه لنَفسِهِ أو غيرِه واحِدًا كانَ أو أكثَرَ اتُّبعَ شَرطُه، سَواءٌ فوَّضَه له في حالِ حَياتِه أم أوصَى بهِ؛ لأنه المُتقرِّبُ بالصَّدقةِ، فيُتَّبعُ شَرطُه كما يُتَّبعُ في مَصارفِها وغَيرِها، وإنْ لم يَشرِطْه لأحَدٍ فالنَّظرُ للقاضي على المَذهبِ؛ لأنَّ له النَّظرَ العامَّ، فكانَ أَولَى بالنَّظرِ فيهِ، ولأنه يَتعلَّقُ به حقُّ المَوقوفِ عليهِ وحَقُّ مَنْ يَنتقِلُ إليه، فكانَ أَولى، ولأنَّ المِلكَ في الوَقفِ للهِ تعالى.
والثَّاني: أنه إلى الواقفِ؛ لأنه كانَ النَّظرُ إليهِ، فإذا لم يَشرِطْه بَقيَ على نَظرِه.
والثَّالثُ: أنه للمَوقوفِ عليه؛ لأنَّ الغَلةَ له، فكانَ النَّظرُ إليهِ (١).
(١) «المهذب» (١/ ٤٤٥)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٦٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٧٥، ٤٨١)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٤٦)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٥٩)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٠٥، ٥٠٦)، و «الديباج» (٢/ ٥٣٠).