للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا ظهَرَ صِحَّةُ ما ذكَرَه المُصنِّفُ مِنْ إلحاقِها بالمَنقولِ المُتعارَفِ على قَولِ مُحمدٍ المُفتَى به، وإنَّما خَصُّوها بالنَّقلِ عن زُفرَ لأنها لم تَكنْ مُتعارَفَةً إذْ ذاكَ، ولأنه هو الذي قالَ بها ابتداءً، قالَ في «النَّهر»: ومُقتضَى ما مَرَّ عن مُحمدٍ عَدمُ جَوازِ ذلكَ -أي وَقفِ الحِنطةِ- في الأقطارِ المِصريةِ؛ لعَدمِ تَعارُفِه بالكلِّيةِ، نعمْ وَقفُ الدَّراهمِ والدَّنانيرِ تُعُورِفَ في الدِّيارِ الرُّوميةِ. اه

قَولُه: (ومَكيل) مَعطوفٌ على قَولِ المُصنِّفِ: (ودَراهِم)، قَولُه: (ويُدفعُ ثَمنُه مُضارَبةً أو بضاعةً) وكذا يُفعلُ في وَقفِ الدَّراهمِ والدَّنانيرِ، وما خرَجَ مِنْ الرِّبحِ يُتصدَّقُ به في جِهةِ الوَقفِ، وهذا هو المُرادُ في قَولِ «الفَتح» عن «الخُلاصَة»: (ثم يُتَصدَّقُ بها)، فهو على تَقديرِ مُضافٍ، أي: برِبحِها، وعِبارةُ «الإسْعَاف»: ثم يُتصدَّقُ بالفَضلِ (١).

وقالَ المالِكيةُ في المَذهبِ: يَجوزُ وَقفُ الدَّراهمِ والدَّنانيرِ للسَّلفِ، ويَنزلُ رَدُّ بَدلِه مَنزلةَ بَقاءِ عَينِه، وهو نَصُّ «المُدوَّنة»، وأمَّا إنْ وقفَ مع بَقاءِ عَينِه فلا يَجوزُ اتِّفاقًا؛ إذْ لا مَنفعةَ شَرعيةً تَترتَّبُ على ذلكَ.

وفي قَولٍ للمالِكيةِ أنه يُكرَهُ وَقفُ الدَّراهمِ والدَّنانيرِ (٢).


(١) «ابن عابدين» (٤/ ٣٦٣، ٣٦٤)، ويُنظَر: «البحر الرائق» (٥/ ٢١٩)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٥٨٠)، و «درر الحكام» (٦/ ١٣١)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ٣٦٢).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٥٧)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٨٠)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٣٤٣)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>