للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في «المِنَح» مِنْ مَسألةِ البَقرةِ الآتيةِ مَمنوعٌ بما قُلنا؛ إذْ يُنتفعُ بلَبنِها وسَمنِها مع بَقاءِ عَينِها، لكنْ إذا حكَمَ به حاكمٌ ارتَفعَ الخِلافُ. انتهى مُلخَّصًا.

قلتُ (أي ابنُ عابدِينَ): إنَّ الدَّراهمَ لا تَتعيَّنُ بالتَّعيينِ، فهي وإنْ كانَتْ لا يُنتفعُ بها مع بقاءِ عَينِها لكنَّ بدَلَها قائمٌ مَقامَها؛ لعَدمِ تَعيُّنِها، فكأنها باقِيةٌ، ولا شَكَّ في كَونِها مِنْ المَنقولِ، فحيثُ جَرى فيها تَعاملٌ دَخَلتْ فيما أجازَهُ مُحمدٌ، ولهذا لمَّا مثَّلَ مُحمدٌ بأشياءَ جَرى فيها التَّعاملُ في زَمانه قالَ في «الفَتح»: إنَّ بعضَ المَشايخِ زادوا أشياءَ مِنْ المَنقولِ على ما ذكَرَه مُحمدٌ لمَّا رَأَوا جَرَيانَ التَّعاملِ فيها، وذكَرَ منها مَسألةَ البَقرةِ الآتيةَ، ومَسألةَ الدَّراهمِ والمَكيلِ، حيثُ قالَ: فَفي «الخُلاصَة»: وقَفَ بَقرةً على أنَّ ما يَخرجُ مِنْ لَبنِها وسَمنِها يُعطَى لأبناءِ السَّبيلِ، قالَ: إنْ كانَ ذلكَ في مَوضعٍ غلَبَ ذلكَ في أوقافِهِم رَجَوتُ أنْ يَكونَ جائِزًا.

وعن الأنصارِيِّ -وكانَ مِنْ أصحابِ زُفرَ- فيمَن وقَفَ الدَّراهمَ أو ما يُكالُ أو ما يُوزَنُ، أيَجوزُ ذلكَ؟ قالَ: نَعم، قيلَ: وكيفَ؟ قالَ: يَدفعُ الدَّراهِمَ مُضارَبةً ثم يَتصدَّقُ بها في الوَجهِ الذي وقفَ عليه، وما يُكالُ أو يُوزنُ يُباعُ ويُدفعُ ثَمنُه لمُضارَبةٍ أو بضاعةٍ، قالَ: فعَلى هذا القِياسِ إذا وقَفَ كُرًّا مِنْ الحِنطةِ على شَرطِ أنْ يُقرضَ للفُقراءِ الذينَ لا بَذْرَ لهم ليَزرَعوهُ لأنفُسِهم ثم يُؤخَذُ مِنهُم بعدَ الإدراكِ قَدرُ القَرضِ، ثم يُقرَضُ لغَيرِهم مِنْ الفُقراءِ أبدًا، على هذا السَّبيلِ يَجبُ أنْ يَكونَ جائِزًا، قالَ: ومثلُ هذا كثيرٌ في الرَّيِّ وناحِيةِ دُوما ونَدٍّ. اه

<<  <  ج: ص:  >  >>