للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المِرداويُّ : أمَّا وَقفُ غيرِ المَنقولِ فيَصحُّ بلا نِزاعٍ.

وأمَّا وَقفُ المَنقولِ كالحَيوانِ والأثاثِ والسِّلاحِ ونَحوِها فالصَّحيحُ مِنْ المَذهبِ صِحةُ وَقفِها، وعليه الأصحابُ ونَصَّ عليه، وعنهُ: لا يَصحُّ وَقفُ غيرِ العَقارِ، نَصَّ عليه في روايةِ الأثرَمِ وحَنبلٍ.

ومنَعَ الحارِثيُّ دلالةَ هذه الرِّوايةِ، وجعَلَ المَذهبَ رِوايةً واحِدةً.

ونقَلَ المَرُّوذِيُّ: لا يَجوزُ وَقفُ السِّلاحِ، ذكَرَه أبو بَكرٍ.

وقالَ في «الإرشادِ»: لا يَصحُّ وَقفُ الثِّيابِ (١).

أما الحَنفيةُ فاختَلَفوا، فعِندَ الإمامِ أبي حَنيفةَ لا يَجوزُ وَقفُ ما يُنقلُ ويُحوَّلُ على الإطلاقِ، مَقصودًا أو تَبعًا، كُراعًا أو غَيرَه، تَعامَلوا فيهِ أو لا؛ لأنَّ التَّأبيدَ شَرطُ جَوازِه، ووَقفُ المَنقولِ لا يَتأبَّدُ؛ لكونِه على شَرفِ الهَلاكِ، فلا يَجوزُ وَقفُه.

وعندَ أبي يُوسفَ لا يَجوزُ وَقفُ المَنقولِ مَقْصودًا، إلَّا إذا كانَ تَبعًا للعَقارِ بأنْ وقَفَ ضَيعةً ببَقرِها وأَكَرَتِها -وهُم عَبيدُه- فيَجوزُ، وكذا سائِرُ آلاتِ الحِراثةِ؛ لأنه تابعٌ للأرضِ في تَحصيلِ ما هو المَقصودُ، وقد يَثبتُ مِنْ الحُكمِ تَبعًا ما لا يثبتُ مَقصودًا، كالشُّربِ في البَيعِ والبِناءِ في الوَقفِ، ومُحمدٌ مَعه فيه؛ لأنه لمَّا جازَ إفرادُ بَعضِ المَنقولِ بالوَقفِ عندهُ فلَأنْ يَجوزَ الوَقفُ فيهِ تَبعًا أَولى.


(١) «الإنصاف» (٧/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>