للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحيمِ هذا ما أَوصَى به عَبدُ اللهِ أميرُ المُؤمنينَ إنْ حدَثَ به حدَثٌ أنَّ ثَمغًا وصِرمةَ بنَ الأكوَعِ والعبدَ الذي فيهِ والمِائةَ سَهمٍ التي بخَيبَرَ ورَقيقَه الذي فيهِ الذي أطعَمَه مُحمدٌ بالوادي تَليهِ حَفصةُ ما عاشَتْ، ثمَّ يَليهِ ذو الرَّأيِ مِنْ أهلِها، أنْ لا يُباعَ ولا يُشتَرى، يُنفِقُه حيثُ رَأى مِنْ السَّائِلِ والمَحرومِ وذَوي القُربى، لا حرَجَ على مَنْ وَلِيَه إنْ أكَلَ أو اشتَرى رَقيقًا منه» رَواهُ أبو داوُدَ، وفيه دَليلٌ على تَخصيصِ حَفصةَ دونَ إخوتِها وأخَواتِها (١).

قالَ الحَنفيةُ: لو قالَ: «أَرضي هذه صَدقةٌ مَوقوفةٌ على بَني فُلانٍ على أنَّ لي أنْ أُفضِّلَ مَنْ شِئتُ منهم» وماتَ قبلَ أنْ يُفضِّلَ بعضَهُم على بعضٍ كانَتِ الغَلةُ بينَهُم على السَّويةِ؛ لعَدمِ اتِّصالِ التَّفضيلِ بأحَدٍ مِنهم، فإنْ قالَ: «فَضَّلتُ فُلانًا فجَعِلتُ له كلَّ الغلَّةِ» لم تَصحَّ؛ لأنه تَخصيصٌ وليس بتَفضيلٍ، ولا بُدَّ أنْ يُعطيَ لكلِّ واحِدٍ منهُم شيئًا ثمَّ يَزيدُ مَنْ شاءَ مِنهم بما شاءَ مِنْ قَليلٍ أو كَثيرٍ، مُطلَقًا أو مدَّةً مُعيَّنةً، ولو زادَ وقالَ: «على بَني فُلانٍ ونَسلِهم» وفضَّلَ واحدًا مِنهم ووَلدَه ونَسلَه أبدًا ما تَناسَلوا جازَ، وكانَ ذلكَ له ولنَسلِه أبدًا وليسَ له الرُّجوعُ فيه؛ لأنَّ التَفضيلَ يَلتحقُ بأصلِ الوَقفِ بسَببِ اشتِراطِه فيهِ، ولو فضَّلَ واحِدًا بنِصفِ غلَّةِ سَنةٍ مثلًا جازَ، ويَكونُ أسوَةَ شُركائِه فيما يَحدثُ بعدَها، وتَعودُ مَشيئةُ التَّفضيلِ إليهِ.


(١) «المغني» (٥/ ٣٦٠، ٣٦١)، ويُنظَر: «الشرح الكبير» (٦/ ٢٢٦)، و «المبدع» (٥/ ٣٣٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٤٤، ٣٤٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٦٧)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٦٦)، و «الروض المربع» (٢/ ١٧٧)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٣٩، ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>