للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ القاضي: المُستحَبُّ التَّسويةُ بينَ الذَّكرِ والأُنثى؛ لأنَّ القَصدَ القُربةُ على وَجهِ الدَّوامِ وقد استَوَوا في القَرابةِ.

ولنَا: أنه إيصالٌ للمالِ إليهم، فيَنبَغي أنْ يَكونَ بينَهُم على حَسبِ الميراثِ كالعَطيَّةِ، ولأنَّ الذَّكرَ في مَظنَّةِ الحاجةِ أكثَرَ مِنْ الأُنثى؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ منهُما في العادةِ يَتزوَّجُ ويَكونُ له الوَلدُ، فالذَّكرُ تَجبُ عليه نَفقةُ امرَأتِه وأولادِه، والمَرأةُ يُنْفِقُ عليها زَوجُها ولا يَلزمُها نَفقةُ أولادِها، وقد فضَّلَ اللهُ الذَّكرَ على الأُنثى في الميراثِ على وَفقِ هذا المعنى، فيَصحُّ تَعليلُه به، ويَتعدَّى إلى الوَقفِ وإلى غَيرِه مِنْ العَطايا والصِّلاتِ، وما ذكَرَه القاضي لا أصلَ له، وهو مَلغيٌّ بالميراثِ والعَطيةِ.

فإنْ خالَفَ فسَوَّى بينَ الذَّكرِ والأُنثى أو فضَّلَها عليه أو فضَّلَ بعضَ البَنينَ أو بعضَ البَناتِ على بَعضٍ أو خَصَّ بعضَهُم بالوَقفِ دونَ بَعضٍ فقالَ أحمدُ في رِوايةِ مُحمدِ بنِ الحَكمِ: إنْ كانَ على طَريقِ الأثَرةِ فأكرَهَه، وإنْ كانَ على أنَّ بعضَهُم له عِيالٌ وبه حاجةٌ يَعني فلا بَأسَ به».

ووَجهُ ذلكَ «أنَّ الزُّبيرَ خَصَّ المَردودةَ مِنْ بَناتِه دونَ المُستَغنِيةِ مِنهنَّ بصَدَقتِه»، وعلى قِياسِ قَولِ أحمدَ لو خَصَّ المُشتَغلينَ بالعِلمِ مِنْ أولادِه بوَقفِه تَحريضًا لهُم على طَلبِ العِلمِ أو ذا الدِّينِ دونَ الفاسِقِ أو المَريضَ أو مَنْ له فَضلٌ مِنْ أجلِ فَضيلتِه فلا بَأسَ.

وقد دَلَّ على صحَّةِ هذا «أنَّ أبا بَكرٍ الصِّديقَ نحَلَ عائِشةَ جُذَاذَ عِشرينَ وَسقًا دونَ سائرِ وَلدِه»، وحَديثُ عُمرَ أنه كتَبَ: «بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>