للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ بَطَّالٍ : للواقِفِ أنْ يَشترطَ في وَقفِهِ ما شاءَ إذا أخرَجَه مِنْ يَدِه إلى مُتَولِّي النَّظرِ فيه فيَجعلَه في صِنفٍ واحِدٍ أو أصنافٍ مُختلِفةٍ، إنْ شاءَ في الأغنياءِ أو في الفُقراءِ، وإنْ شاءَ في الأقارِبِ أو الأباعِدِ، وإنْ شاءَ في إناثِ بَيتِه دونَ الذُّكورِ، أو الذُّكورِ دونَ الإناثِ، وإنْ كانَ يُستحبُّ له التَّسويةُ بينَ بَنيهِ؛ لقَولِه: «فتَصدَّقَ بها عُمرُ في الفُقراءِ وفي القُربى» وسائرِ مَنْ ذُكِرَ، فدَلَّ ذلكَ إلى اختيارِ المُحبِّسِ يَضَعُه حيثُ شرَطَ (١).

قالَ الحَنفيةُ: ولو وقَفَ على بَنيهِ لا تَستحقُّ البَناتُ كعَكسِه (٢).

وجاءَ في «أحكَام الوَقفِ» لهِلالٍ : قُلتُ: أرَأيتَ لو قالَ: «أَرضِي هذه صَدقةٌ مَوقوفةٌ على بَناتي» وله بَنونَ وبَناتٌ؟

قالَ: الوَقفُ للبَناتِ دونَ البَنينَ (٣).

أمَّا الشافِعيةُ فقَالَ ابنُ حَجرٍ الهَيثميُّ : يَقعُ لكَثيرينَ أنهُم يَقِفونَ أموالَهُم في صحَّتِهم على ذُكورِ أولادِهم قاصِدينَ بذلكَ حِرمانَ إناثِهِم، وقد تَكرَّرَ مِنْ غيرِ واحِدٍ الإفتاءُ ببُطلانِ الوقفِ حِينئذٍ، وفيهِ نَظرٌ ظاهِرٌ، بل الوَجهُ الصِّحةُ.

أما أولًا: فلا نُسلِّمَ أنَّ قصْدَ الحِرمانِ مَعصيةٌ، كيفَ وقد اتَّفقَ أئمَّتُنا كأكثَرِ العُلماءِ على أنَّ تَخصيصَ بَعضِ الأولادِ بمالِه كلِّهِ أو بَعضِه هِبةً أو


(١) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٨/ ١٣٩، ١٤٠).
(٢) «البحر الرائق» (٥/ ٢٣٩).
(٣) «أحكام الوقف» ص (٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>