للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ المَقصودَ منه هو التَّقربُ إلى اللهِ تعالى به، وذلكَ يَحصلُ بجِهةٍ تَنقطعُ كما يَحصلُ بجِهةٍ لا تَنقطعُ، ثم يَصيرُ بعدَها للفُقراءِ (١).

وقالَ هِلالُ الرَّأْيِ : وقد قالَ ناسٌ مِنْ الفُقهاءِ: لا يَجوزُ الوَقفُ وإنْ قالَ: «صَدقةٌ مَوقوفةٌ» حتى يَجعلَ آخِرَها للمَساكينِ.

ومِن حُجَّتِنا على مَنْ قالَ بهذا القَولِ السَّهمُ الذي جعَلَه عُمرُ بنُ الخطَّابِ مِنْ وَقفِه لذَوي القُربى، ولم يَجعلْ آخِرَها للمَساكينِ.

ويَنبغي في قَولِ مَنْ خالَفَنا في ذلكَ أنْ يُبطِلَ السَّهمَ الذي جعَلَه عُمرُ بنُ الخطَّابِ مِنْ وَقفِهِ لذَوي القُربى؛ لأنَّ آخِرَه ليس للمَساكينِ، وهذا جائِزٌ وهو جارٍ على ما أمَرَ به عُمرُ بنُ الخطَّابِ ، وقد بلَغَنا أنَّ الزُّبيرَ بنَ العوَّامِ تصدَّقَ بدُورِهِ فقالَ: «هِي على المَردودةِ مِنْ بَناتي» (٢)، ولم يَبلغْنا أنه جعَلَ آخِرَها للمَساكينِ، فيَنبغي لمَن قالَ: «لا يَجوزُ الوَقفُ حتى يَكونَ آخِرُه للمَساكينِ» ألا يَجوزَ عندَه وَقفُ الزُّبيرِ ، وليس هو بشَيءٍ، وهذا كلُّه جائِزٌ إذا قالَ: صَدقةٌ مَوقوفةٌ (٣).


(١) «شرح فتح القدير» (٦/ ٢١٣)، و «العناية شرح الهداية» (٨/ ٣٣١، ٣٣٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٠١)، و «اللباب» (١/ ٦٢١)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٠٤، ٢١٢)، و «ابن عابدين» (٤/ ١٤١).
(٢) صَحِيحٌ: رواه ابن أبي شيبة في مصنفه» (٢٠٩٣٣)، و «البيهقي» (٦/ ١٦٦) قالَ ابنُ أبي شَيبةَ: حدَّثَنا حَفصٌ عن هِشامِ بنِ عُروةَ عن أبيه: «أنَّ الزُّبيرَ وقَفَ دارًا له على المَردودةِ مِنْ بَناتِه».
(٣) «أحكام الوقف» ص (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>