للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَتْ هذه الأرضُ لا تَخرجُ مِنْ ثُلثِ مالِه فمِقدارُ الثُّلثِ يَجوزُ إقرارُه فيه فيما يَتقرَّبُ به المُسلمونَ إلى اللهِ تعالى، ويَكونُ لبَيتِ المالِ.

وإنْ أقَرَّ هذا الذِّميُّ أنَّ ذِميًّا كانَ يَملكُها جازَ إقرارُه فيما يَجوزُ مِنْ أوقافِ أهلِ الذِّمةِ، وبطَلَ إقرارُه فيما لا يَجوزُ مِنْ أوقافِهم، وتَخرجُ الأرضُ مِنْ يَدِه ويُجعَلُ لبَيتِ مالِ المُسلمينَ؛ لأنه لم يُسَمِّ مالِكَها (١).

وأمَّا المالِكيةُ فقالَ الرَّصَّاعُ في شَرحِه لحُدودِ ابنِ عَرفةَ المَوسومِ «الهِدايَة»: (قُلتُ): المَسألةُ التي وقَعَ فيها الرَّدُّ على الباجِي إذا حَبسَ (وقَفَ) مُسلمٌ على كَنيسةٍ، قالَ الباجِي: الأظهَرُ عِندي رَدُّه؛ لأنه مَعصيةٌ، كما لو صرَفَها إلى أهلِ الفسقِ، قالَ الشيخُ عَقِبَ هذا الكَلامِ: قلتُ: عادَةُ الأشياخِ أنهم لا يَقولونَ: «الأظهَرُ عندي» إلا فيما فيهِ نَظرٌ، لا في أمرٍ ضَرورِيٍّ، ورَدُّ هذا الحَبسِ ضَروريٌّ مِنْ القَواعدِ الأُصوليةِ؛ لأنه تَسبَّبَ في مَعصيةٍ لو أعانَ عليها، وما هذا شَأنُه حرامٌ إجماعًا (٢).

وقالَ الدرْدِيرُ : وبطَلَ الوَقفُ على مَعصيةٍ كجَعلِ غلَّتِه في ثَمنِ خَمرٍ أو حَشيشةٍ أو سِلاحٍ لقِتالٍ غيرِ جائِزٍ، ويَدخلُ فيهِ وَقفُ الذِّميِّ على الكَنيسةِ، سواءٌ كانَ لعُبَّادِها أو لمَرمَّتِها؛ لأنَّ المَذهبَ خاطَبَهم بفُروعِ الشريعةِ (٣).


(١) «المحيط البرهاني» (٦/ ١٣٥).
(٢) «المختصر الفقهي شرح حدود ابن عرفة» (١٣/ ١٨).
(٣) «الشرح الكبير» (٥/ ٤٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>