قُلنَا: الوَقفُ ليس بعَقدِ مُعاوَضةٍ، وإنَّما هو إزالةٌ للمِلكِ في المَوقوفِ على وَجهِ القُربةِ، فإذا لم يَقعْ صَحيحًا لم يَزُلِ المِلكُ، فيَبقَى بحالِه كالعِتقِ (١).
وقالَ البُهوتيُّ ﵀: ولا يَصحُّ الوَقفُ على كَنائِسَ وبُيوتِ نارٍ وبِيَعٍ وصَوامِعَ ودُيورةٍ ومَصالِحِها كقَنادِيلِها وفُرشِها ووَقودِها وسَدَنتِها؛ لأنه مَعونةٌ على مَعصيةٍ، ولو كانَ الوَقفُ على ما ذُكِرَ مِنْ ذِميٍّ فلا يَصحُّ؛ لِما تقدَّمَ مِنْ أنَّ ما لا يَصحُّ مِنْ المُسلمِ لا يَصِحُّ مِنْ الذِّميِّ.
قالَ في «أحكام أهلِ الذِّمةِ»: وللإمامِ أنْ يَستوليَ على كُلِّ وَقفٍ وُقِفَ على كَنيسَةٍ وبَيتِ نارٍ أو بيعَةٍ ويَجعلَها على جِهةِ قُرباتٍ. انتهَى
والمُرادُ إذا لم يَعلَمْ وَرَثةَ واقِفِها، وإلا فللوَرثةِ أخذُها كما تقدَّمَ.
بل يَصحُّ الوَقفُ على مَنْ يَنزِلُها -أي الكَنائسَ والدُّيورةَ ونحوَها- مِنْ مارٍّ ومُجتازٍ بها فقط؛ لأنَّ الوَقفَ عليهم لا على البُقعةِ، والصَّدقةُ عليهم جائِزةٌ، ولو كانَ الوَقفُ على مَنْ يَمُرُّ بها أو يَجتازُ فقط فيَصحُّ الوَقفُ.
ولا يَصحُّ الوَقفُ على اليَهودِ والنَّصارى، ولا يَصحُّ الوَقفُ على كِتابةِ التَّوراةِ والإنجيلِ ولو كانَ الوَقفُ مِنْ ذِميٍّ؛ لوُقوعِ التَّبديلِ والتَّحريفِ.
وقد رُويَ مِنْ غيرِ وَجهٍ أنَّ النبيَّ ﷺ غَضِبَ لمَّا رَأى مع عُمرَ صَحيفةً فيها شيءٌ مِنْ التَّوراةِ، وكذا كُتبُ بِدعةٍ، ووَصيةٌ كوَقفٍ