للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلنا: الوَقفُ ليس بعَقدِ مُعاوَضةٍ، وإنَّما هو إزالةٌ للمِلكِ في المَوقوفِ على وَجهِ القُربةِ، فإذا لم يَقعْ صحيحًا لم يَزُلِ المِلكُ، فبَقيَ بحالِه كالعِتقِ.

قالَ: وقد رُوِيَ عن أحمدَ في نَصرانِيٍّ أشهَدَ في وَصيتِه أنَّ غُلامَه فُلانًا يَخدمُ البيعَةَ خمسَ سِنينَ ثمَّ هو حُرٌّ، ثمَّ ماتَ مَولاهُ وخدَمَ سَنةً ثُمَّ أسلَمَ، ما عليه؟ قالَ: هو حُرٌّ ويَرجعُ على الغُلامِ بأُجرةِ خِدمتِه مَبلغَ أربَعِ سِنينَ، ورُويَ عنهُ أنه حُرٌّ ساعَةَ ماتَ مَولاهُ؛ لأنَّ هذه مَعصيةٌ.

قالَ: وهذه الرِّوايةُ أصَحُّ وأوفَقُ لأُصولِه، ويُحتمَلُ أنَّ قَولَه: «يَرجعُ عليه بخِدمةِ أربَعِ سِنينَ» لم يَكنْ لصِحةِ الوصيةِ، بل لأنه إنَّما أعتَقَه بعَوضٍ اعتَقدَ صِحتَه، فإذا تَعذَّرَ الغَرضُ بإسلامِه كانَ عليه ما يَقومُ مَقامَه، كما لو تَزوَّجَ الذِّميُّ ذِمِّيةً على ذلكَ ثمَّ أسلَمَ، فإنه يَجبُ عليه المَهرُ، كذا ههُنا يَجبُ عليه العِوضُ، والأوَّلُ أَولى. انتهَى كلامُه.

فقدْ صرَّحَ في مَسألةِ الوَقفِ أنه يُنزَعُ ويُدفَعُ إلى أيدي أولادِه الذينَ أسلَموا، وهذا تَصريحٌ منه ببُطلانِ الوَقفِ، وأنه لمَّا ماتَ انتَقلَ مِيراثًا عنه إلى أولادِه ثمَّ أَسلَموا بعد أنْ وَرِثوهُ.

وأمَّا مَسألةُ الوَصيةِ فلا تُناقِضُ ذلكَ؛ لأنَّ العِتقَ فيها بعِوَضٍ، فإذا لم يَصِحَّ رجَعَ الوارِثُ في مُقابِلِه وهو القيمَةُ كما ذكرَه الشَّيخُ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (وإذا لم يَكنِ الوَقفُ على مَعروفٍ أو بِرٍّ فهو باطِلٌ).


(١) «أحكام أهل الذمة» (١/ ٦٠٣، ٦٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>