بالإسلامِ، وإلَّا فالأرضُ للهِ ولرَسولِه وعبادِه المُسلمينَ الذينَ كتَبَ اللهُ في الزَّبورِ مِنْ بَعدِ الذِّكرِ أنه يُورِثُها عِبادَه الصالِحينَ.
وقدْ صرَّحَ بذلكَ المالِكيةُ في كُتبِهم، فقالَ القاضي أبو الوَليدِ: والظاهِرُ عِندي أنه لا يَجوزُ الوَقفُ على الكَنيسةِ؛ لأنه صرَفَ صَدقتَه إلى وَجهِ مَعصيةٍ مَحضةٍ، كما لو صرَفَها في شِراءِ خَمرٍ وأعطاها لأهلِ الفِسْقِ.
ونَصَّ الإمام أحمَدُ على ما هو أبلَغُ مِنْ ذلكَ.
قالَ الخلَّالُ في جامِعِه: بابٌ: النَّصارى يُوقِفونَ على البِيَعِ فيَموتُ النَّصرانِيُّ ويُخلِّفُ أولادًا فيُسلمونَ:
أخبَرَني مُحمدُ بنُ أبي هارونَ الورَّاقُ أنَّ إسحاقَ بنَ إبراهيمَ بنِ هانِئٍ حدَّثَهم، وأخبَرَنا مُحمدُ بنُ عَليٍّ ثَنَا يَعقوبُ بنُ بَختانَ قالَ: سُئلَ أبو عَبدِ اللهِ عن أقوامٍ نَصارى أوقَفوا على البيعَةِ ضِياعًا كَثيرةً فماتَ النَّصارى ولهم أبناءُ نَصارى ثُمَّ أسلَمَ بعدَ ذلكَ الأبناءُ والضِّياعُ بيَدِ النَّصارى، ألَهُم أنْ يَأخُذوها مِنْ أيدي النَّصارى؟ قالَ أبو عَبدِ اللهِ: نَعمْ، يَأخذونَها، وللمُسلمِينَ أنْ يُعِينوهُم حتى يَستَخرِجوها مِنْ أيديهِم، وهذا مَذهبُ الشَّافعيِّ أيضًا.
قالَ الشَّيخُ في «المُغْني»: ولا نَعلمُ فيهِ خِلافًا؛ وذلكَ لأنَّ ما لا يَصحُّ مِنْ المُسلمِ الوَقفُ عليه لا يَصحُّ مِنْ الذِّميِّ، كالوَقفِ على غَيرِ مُعيَّنٍ.
قالَ: فإنْ قيلَ: فقدْ قُلتُم: إنَّ أهلَ الكِتابِ إذا عَقَدوا عُقودًا فاسِدةً وتَقابَضوا ثُمَّ أسلَموا أو تَرافَعوا إلينَا لم نَنقُضْ ما فَعَلوه، فكيفَ أجَزْتُم الرُّجوعَ فيما وَقَفوهُ على كَنائِسِهم؟