حَيًّا رجَعَ إلى قَولِه بلا يَمينٍ، وإذا ماتَ الواقفُ يَرجعُ إلى وَرثتِه، فإنْ لم يَكنْ له وَرثةٌ وكانَ له ناظرٌ مِنْ جِهةِ الواقفِ رجَعَ إليهِ، ولا يَرجعُ إلى المَنصوبِ مِنْ جِهةِ الوارِثِ أو الحاكِمِ، فلوِ اختَلفَ الناظِرُ والواقفُ فهل يرجعُ إلى الناظِرِ أوِ الواقفِ؟ فيهِ قَولانِ، ولو اختَلفَ الناظِرُ والمَوقوفُ عليه فَفيهِ الوَجهانِ، قالَ النَّوويُّ: ويُرجَعُ إلى عادَةِ مَنْ تقدَّمَ النَّاظِرَ مِنْ النُّظَّارِ إنِ اتَّفقتْ عادَتُهم.
ولو عَرَفْنا الوَقفَ ولم نَعرفْ أربابَ الوَقفِ قالَ الغَزاليُّ وغيرُه: جُعلَ كوَقفٍ لم يُذكَرْ مَصرِفُه، فيَكونُ كوَقفٍ مُطلَقٍ، قالَ الحِصنيُّ: كذا نقَلَه النَّوويُّ عن الغَزاليِّ وهو سَهوٌ، وإنَّما قالَ الغَزاليُّ أنه كمُنقطِعِ آخِرٍ، فيَكونُ الوَقفُ صَحيحًا، وإلحاقُه بالوَقفِ المُطلَقِ يَقتضي عدَمَ الصِّحةِ؛ لأنَّ الأصَحَّ في الوَقفِ المُطلَقِ أنه لا يَصِحُّ، واللهُ أعلَمُ (١).
وقالَ الحَنابلةُ: ولو جُهِلَ شَرطُه -أي الواقِفِ- بأنْ قامَتْ بيِّنةٌ بالوَقفِ دونَ شَرطِه عُمِلَ بعادةٍ جارِيةٍ -أي مُستمرَّةٍ- إنْ كانَتْ، ثمَّ عُمِلَ بعُرفٍ مُستقِرٍّ في الوَقفِ في مَقاديرِ الصَّرفِ كفُقهاءِ المَدارسِ؛ لأنَّ العادةَ المُستمرَّةَ والعُرفَ المُستقِرَّ في الوَقفِ يَدلُّ على شَرطِ الواقفِ أكثَرَ ممَّا يَدلُّ لفظُ
(١) «كفاية الأخيار» ص (٣٦٠، ٣٦١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٦٨، ١٦٩)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٤٧٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٨٤، ٤٨٥)، و «فتاوى الرملي» (١/ ٣٥٦).