للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجابَ: لا يَصِحُّ هذا الرَّهنُ؛ لأنها غيرُ مَأمونةٍ في يَدِ مَوقوفٍ عليه، ولا يُقالُ لها عارِيةٌ أيضًا، بل الآخِذُ لها إنْ كانَ مِنْ أهلِ الوَقفِ مُستحِقًّا للانتِفاعِ فيَدُه عليها يَدُ أمانةٍ، فشَرطُ أخذِ الرَّهنِ عليها فاسِدٌ، ويَكونُ في يَدِ الخازِنِ للكُتبِ أمانةً؛ لأنَّ فاسِدَ العُقودِ في الضَّمانِ كصَحيحِها، والرَّهنُ أمانةٌ، هذا إذا أريدَ الرَّهنُ الشَّرعيُّ، وأمَّا إنْ أُرِيدَ مَدلولُه لُغةً وأنْ يَكونَ تَذكرةً فيَصحُّ الشَّرطُ؛ لأنه غرَضٌ صَحيحٌ، وأمَّا إذا لم يُعلَمْ مُرادُ الواقفِ فيُحتملُ أنْ يُقالَ بالبُطلانِ بالشَّرطِ حَملًا على المعنى الشَّرعِيِّ، ويُحتملُ أنْ يُقالَ بالصِّحةِ حَملًا على المَعنى، وهو الأقرَبُ لصحَّتِه. انتهى (١).

وقالَ الرَّمليُّ : أَفتَى القَفَّالُ فيما إذا وقَفَ كِتابًا أو غَيرَه وشرَطَ ألا يُعارَ إلا برَهنٍ بلُزومِ هذا الشَّرطِ، وضعَّفَه بعضُ المُتأخِّرينَ مِنْ ثَلاثةِ أوجُهٍ:

أحَدُها: كَونُه رَهْنًا بالعينِ غيرِ المَضمونةِ، ولا خِلافَ في بُطلانِه.

ثَانيها: كَونُ الرَّاهنِ أحَدَ المُستحِقِّينَ، والراهِنُ لا يَكونُ مُستحِقًّا.

ثالِثُها: إنَّ المَقصودَ مِنْ الرَّهنِ الوَفاءُ مِنْ ثَمنِ المَرهونِ عندَ التَّلفِ، وهذا المَوقوفُ لو تَلفَ بلا تَعدٍّ ولا تَفريطٍ لم يَضمنْه، فالوَجهُ: إنَّ هذا الشَّرطَ فاسِدٌ لا يُتَّبعُ. اه

قالَ الزَّركشيُّ: إنَّ ما قالَه القفَّالُ مَردودٌ (٢).


(١) «مواهب الجليل» (٧/ ٤٩٨)، و «شرح ميارة» (٢/ ٢٣٦).
(٢) «حاشية الرملي على أسنى المطالب» (٢/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>