ثمَّ إذا زادَ أحَدًا مِنهم أو نقَصَه مرَّةً أو أدخَلَ أحَدًا أو أخرجَ أحَدًا ليسَ له أنْ يُغيِّرَه بعدَ ذلكَ؛ لأنَّ شرْطَه وقَعَ على فِعلٍ يَراهُ، فإذا رَآهُ وأمضاهُ فقدِ انتهَى ما رَآه، وإذا أرادَ أنْ يَكونَ ذلكَ له دائِمًا ما دامَ حَيًّا يَقولُ: على أنَّ لفُلانِ بنَ فُلانٍ أنْ يَزيدَ في مُرتَّبِ مَنْ يَرى زِيادتَه وأنْ يُنقِصَ مِنْ مُرتَّبِ مَنْ يَرى نُقصانَه، وأنْ يُنقِصَ مَنْ زادَهُ ويَزيدَ مَنْ نقَصَه مِنهم، ويُدخِلَ مَعهُم مَنْ يَرى إدخالَه ويُخرِجَ مِنهم مَنْ يَرى إخراجَه متى أرادَ، مرَّةً بعد أُخرى، رأيًا بعدَ رَأيٍ، ومَشيئةً بعدَ مَشيئةٍ ما دامَ حَيًّا، ثمَّ إذا أحدَثَ فيهِ شيئًا ممَّا شرَطَه لنَفسِه أو ماتَ قبلَ ذلكَ يَستقِرُّ أمرُ الوَقفِ على الحالةِ التي كانَ عليها يَومَ مَوتِه، وليسَ لمَن يَلي عليه بعدَه شيءٌ مِنْ ذلكَ، إلَّا أنْ يَشرِطَه له في أصلِ الوَقفِ، وإذا شرَطَ هذه الأمورَ أو بعضَها للمُتولِّي مِنْ بَعدِه ولم يَشرِطْها لنَفسِه جازَ له أن يَفعلَها ما دامَ حَيًّا؛ لأنَّ شرْطَها لغيرهِ شَرطٌ منه لنَفسِه، ثمَّ إذا ماتَ جازَ للمُتولِّي فِعلُ ما شرَطَه له، ولو شرَطَ هذه الأمورَ للمُتولِّي ما دامَ هو حَيًّا جازَ له وللمُتولِّي ذلكَ ما دامَ هو حَيًّا.
ولو شرَطَ لنَفسِه في أصلِ الوَقفِ استِبدالَه أو الزِّيادةَ والنُّقصانَ ولم يَزِدْ عليهِ ليسَ له أنْ يَجعلَ ذلكَ أو شيئًا منه للمُتولِّي، وإنَّما ذلكَ خاصَّةً لاقتِصارِ الشَّرطِ في أصلِ الوَقفِ على نَفسِه، ولا يَجوزُ له أنْ يَفعلَ إلَّا ما شرَطَه وَقتَ العَقدِ (١).
(١) «الإسعاف» ص (٣٤، ٣٥)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٢٢٨)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٤٢)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٨٥)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٢/ ٢٥٨)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ٤٠٢).