للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الشِّيرازيُّ: لأنَّه دَمٌ لا يَمنعُه الرَّضاعُ فلا يَمنعُه الحَملُ كالنِّفاسِ.

قالَ النَّوويُّ : مَعناه أنَّ المُرضعَ لا تَحيضُ غالِبًا، وكذا الحامِلُ، فلو اتَّفقَ رُؤيةُ الدَّمِ في حالِ الرَّضاعِ كان حَيضًا بالاتِّفاقِ، فكذا في حالِ الحَملِ فهما سَواءٌ في النُّدورِ، فيَنبَغي أنْ يَكونا سَواءً في الحُكمِ بأنَّهما حَيضٌ.

وأمَّا قَولُه: كالنِّفاسِ فمُرادُه إذا ولَدَت وَلدَين بينَهما سِتةُ أشهُرٍ ورأتِ الدَّمَ بينَهما، وقُلنا: إنَّه نِفاسٌ، فهذه حامِلٌ ومُرضعٌ ودَمُها نِفاسٌ، ومَعناه أنَّ النِّفاسَ لا يَمنعُه الرَّضاعُ والحَملُ، والحَيضُ لا يَمنعُه الرَّضاعُ فيَنبَغي ألَّا يَمنعَه الحَملُ في النِّفاسِ (١).

واحتَجَّ المالِكيةُ على ذلك بما في «المُوطَّأ» عن مالِكٍ أنَّه بلَغَه أنَّ عائِشةَ زَوجَ النَّبيِّ قالَت في المَرأةِ الحامِلِ تَرى الدَّمَ أنَّها تَدعُ الصَّلاةَ (٢).

قالَ القَرافيُّ: فكانَ إِجماعًا، وإِجماعُ أهلِ المَدينةِ عليه، وكما جازَ النِّفاسُ في الحَملِ إذا تَأخرَ أحدُ الوَلدَينِ فكذلك الحَيضُ، ولقَولِ عائِشةَ لمَّا راقَها وَجهُ رَسولِ اللهِ لو رآكَ الشاعِرُ (٣) ما قالَ شِعرَه إلا فيكَ.


(١) «المجموع» (٣/ ٤٠٩، ٤١٠)، و «روضة الطالبين» (١/ ٣٤١)، و «الاختيارات الفقهية» (٤٧).
(٢) «الموطأ» (١٣١).
(٣) هذا الشاعرُ هو عامرُ بنُ الحليسِ الهُذليُّ أَبو كَبيرِ بنِ السّهليُّ الهُذليُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>