للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبحَديثِ ابنِ عُمرَ أنَّه طلَّقَ امرأتَه وهي حائِضٌ فذكَرَ ذلك عُمرُ للنَّبيِّ فقالَ: «مُرْه فليُراجِعْها ثم ليُطلِّقْها طاهِرًا أو حامِلًا» (١).

قالوا: فجعَلَ الحَملَ عَلمًا على عَدمِ الحَيضِ كما جعَلَ الطُّهرَ عَلمًا عليه.

قالوا: ولأنَّ الحَيضَ اسمٌ للدَّمِ الخارِجِ من الرَّحمِ، ودَمُ الحامِلِ لا يُخرجُ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى أجرى العادةَ أنَّ المَرأةَ إذا حبَلَت يَنسدُّ فَمُ الرَّحمِ، فلا يَخرجُ منه شَيءٌ فلا يكَونُ حَيضًا، فعلى هذا لا تَتركُ الحامِلُ الصَّلاةَ لمَا تَراه من الدَّمِ؛ لأنَّه دَمُ فَسادٍ لا حَيضٍ، وكذا الصَّومُ والاعتِكافُ والطَّوافُ ونَحوُها، ولا يُمنعُ زَوجُها من وَطئِها؛ لأنَّها ليسَت حائِضًا.

وقالَ الحَنابِلةُ: إلا أنَّ ما تَراه الحامِلُ قبلَ الوِلادةِ بيَومٍ أو يَومَينِ أو ثَلاثةٍ هو دَمُ نِفاسٍ.

وقالوا أيضًا: ويُستحبُّ للحامِلِ أنْ تَغتسلَ عندَ انقِطاعِ الدَّمِ عنها احتياطًا، وخُروجًا من الخِلافِ (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ اختارَها شَيخُ الإِسلامِ إلى أنَّ دَمَ الحامِلِ حَيضٌ إذا توافَرَت شُروطُه.


(١) رواه مسلم (١٤٧١).
(٢) «أحكام القرآن» للجصاص (٢/ ٦٠)، و «بدائع الصنائع» (١/ ١٦٢، ١٦٣)، و «حاشية ابن عابدين» (١/ ٤٧٧)، و «المجموع» (٣/ ٤٠٩)، وما بعدها، و «روضة الطالبين» (١/ ٣٤٠)، و «الإفصاح» (١/ ١٠٩)، و «المغني» (١/ ٤٥٨)، و «منار السبيل» (١/ ٦٩)، و «التحقيق» لابن الجوزي (١/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>