للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا لو وَقَفوا على الحَجِّ أو العُمرةِ؛ لأنه ليس بقُربةٍ عندَهُم، بخِلافِ ما لو وقَفَ على مَسجدِ بَيتِ المَقدِسِ فإنه صَحيحٌ؛ لأنه قُربةٌ عندَنا وعندَهُم (١).

وقالَ المالِكيةُ: يَبطلُ ولا يَصحُّ الوَقفُ مِنْ الكافِرِ ولو ذِميًّا على مَسجدٍ مِنْ مَساجِدِ المُسلمينَ، أو على رِباطٍ أو قُربةٍ مِنْ القُربِ الدِّينيةِ، ولذلكَ رَدَّ الإمامُ مالِكٌ دِينارَ النَّصرانيةِ عليها حَيثُ بعَثَتْ به إلى الكَعبةِ.

ففي سَماعِ ابنِ القاسِمِ: إنْ حبَسَ ذِميٌّ دارًا على مَسجدٍ رُدَّتْ.

وقالَ أبو الوَليدِ ابنُ رُشدٍ القُرطُبيُّ : مَسألةٌ:

وسَألَه ابنُ أبي حَسَّانَ عن امرَأةٍ نَصرانيةٍ بعَثَتْ بدِينارٍ إلى الكَعبةِ، هل يُجعلُ في الكَعبةِ؟ قالَ: بل يُرَدُّ إليها، قالَ ابنُ أبي حَسَّانَ: كذلكَ حَدَّثَني مَعنُ بنُ عيسى عن مالكٍ أنه قالَه.

قالَ مُحمدُ بنُ رُشدٍ: هذا صَحيحٌ؛ لأنه يَنبغي أنْ تُنَزَّهَ الكَعبةُ وأهلُها المُسلمونَ عن أنْ يُنفَقَ فيها مالُ نَصرانيةٍ، إنَّما قصدت أنْ تَنسِبَ إليهم ما يَغضُّ مِنهم مِنْ الاستِعانةِ بمالِها فيما يَلزمُهُم القِيامُ به مِنْ أمرِ قِبلَتِهم التي يَأتمُّونَ بها ويَحجُّونَ إليها، فلا تَنعَمُ بذلكَ عَينًا، وباللهِ التَّوفيقُ (٢).


(١) «البحر الرائق» (٥/ ٢٠٤، ٢٠٥)، و «المحيط البرهاني» (٦/ ١٣٤)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٥٦٨)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٤١)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٢/ ٢٣٥).
(٢) «البيان والتحصيل» (٤/ ٤٣، ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>