للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختَلَفوا فيما لو أوقَفَ بعدَ الحَجْرِ عليهِ:

قالَ ابنُ قُدامةَ : ما فعَلَه المُفلِسُ قبلَ حَجْرِ الحاكِمِ عليه مِنْ بَيعٍ أو هِبةٍ أو إقرارٍ أو قَضاءِ بَعضِ الغُرماءِ أو غيرِ ذلكَ فهو جائِزٌ نافِذٌ، وبهذا قالَ أبو حَنيفةَ ومالكٌ والشافِعيُّ، ولا نَعلمُ أحَدًا خالَفَهم، ولأنه رَشيدٌ غيرُ مَحجورٍ عليه، فنفَذَ تَصرُّفُه كغَيرِه، ولأنَّ سبَبَ المَنعِ الحَجرُ، فلا يَتقدَّمُ سبَبَه، ولأنه مِنْ أهلِ التَّصرُّفِ ولم يُحجَرْ عليه، فأشبَهَ المَليءَ، وإنْ أَكرَى جَملًا بعَينِه أو دارًا لم تَنفسِخْ إجارَتهُ بالفَلسِ، وكان المُكتَري أحَقَّ به حتى تَنقضيَ مدَّتُه (١).

قالَ الحَنفيةُ: ولا يَصحُّ مِنْ المَديونِ المَحجورِ على قَولِ مَنْ يَرَى به، وإنْ لم يَكنْ مَحجورًا عليه -يَعني المَديونَ- يَصحُّ وَقفُه وإنْ قصَدَ به ضرَرَ غُرَمائِه؛ لثُبوتِ حقِّهِم في ذمَّتِه (٢).

قالَ ابنُ عابدِينَ : (قَولُه: بخِلافِ صَحيحٍ) أي: وَقفِ مَديونٍ صَحيحٍ، فأنه يَصحُّ ولو قصَدَ به المُماطَلةَ؛ لأنه صادَفَ مِلكَه كما في «أَنفَع الوَسائِل» عن «الذَّخيرَة»، قالَ في «الفَتْح»: وهو لازِمٌ لا يَنقضُه أربابُ الدُّيونِ إذا كانَ قبلَ الحَجرِ بالاتِّفاقِ؛ لأنه لم يَتعلَّقْ حقُّهُم في حالِ صِحَّتِه. اه

وبه أفتَى في «الخَيريَّة» مِنْ البُيوعِ، وذكرَ أنه أَفتَى به ابنُ نُجيمٍ، وسَيأتي فيهِ كلامٌ عن «المَعروُضات» (٣).


(١) «المغني» (٤/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٤٦٤).
(٢) «الإسعاف» ص (١٠).
(٣) «ابن عابدين» (٤/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>