الثالِثُ: قَولُ مُحمدٍ: إنَّ الشَّرطَ أنْ يَكونَ الطُّهرُ مِثلَ الدَّمَينِ أو أقَلَّ في مُدةِ الحَيضِ، فلو كانَ أكثَرَ فصَلَ، لكنْ يُنظرُ إنْ كانَ في كلٍّ من الجانبَينِ ما يُمكنُ أنْ يُجعلَ حَيضًا، فالسابِقُ حَيضٌ، ولو في أحدِهما فهو الحَيضُ، والآخَرُ استِحاضةٌ، وإذا لم يُمكِنْ جَعلُ أحدِهما حَيضًا فالكلُّ استِحاضةٌ، ولا يَجوزُ بَدءُ الحَيضِ بالطُّهرِ ولا خَتمُه به، فلو رأت مُبتدَأةٌ دمًا يَومًا وطُهرًا يَومَين ودَمًا يَومًا فالأربَعةُ حَيضٌ؛ لأنَّ الطُّهرَ المُتخلِّلَ دونَ ثَلاثٍ، وهو لا يَفصِلُ اتِّفاقًا، كما مَرَّ، ولو رأتْ دَمًا يَومًا وطُهرًا ثَلاثةً ودَمًا يَومَينِ فالسِّتةُ حَيضٌ للاستِواءِ، ولو رَأت دَمًا ثَلاثةً وطُهرًا خَمسةً ودَمًا يَومًا فالثَّلاثةُ حَيضٌ لغَلبةِ الطُّهرِ فصارَ فاصِلًا والمُتقدِّمُ أمكَنَ جَعلُه حَيضًا.
قالَ ابنُ عابِدينَ: هذا خُلاصةُ ما في شُروحِ الهِدايةِ وغيرِها.
وقد صحَّحَ قَولَ مُحمدٍ في «المَبسوط» و «المُحيط»، وعليه الفَتوَى.
وفي «الهِداية»: الأخذُ بقَولِ أبي يُوسفَ أيسَرُ.
وكَثيرٌ من المُتأخِّرينَ أفتَوْا به؛ لأنَّه أسهَلُ على المُفتِي والمُستَفتي.
«سراج»: وهو الأَولى.
«فَتح»: وهو قَولُ أبي حَنيفةَ الآخَرَ.
«نِهاية»: وأمَّا الرِّوايةُ الثانيةُ، ففي «البَحر» قد اختارَها أَصحابُ المُتونِ، لكنْ لم تُصحَّحْ في الشُّروحِ (١).
(١) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٤٨٣، ٤٨٤)، و «بدائع الصنائع» (١/ ١٦٥، ١٦٧)، و «فتح القدير» (١/ ١٢٠، ١٢١)، و «تبين الحقائق» (١/ ٦٢)، و «البحر الرائق» (١/ ٢١٦، ٢١٧)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٣٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute