للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابلةُ في هذه الرِّوايةِ: أنه يُشترطُ قَبولُه؛ لأنه تَبَرُّعٌ لآدَميٍّ مُعيَّنٍ، فكانَ مِنْ شَرطِه القَبولُ كالهِبةِ والوَصيةِ، يُحقِّقُه أنَّ الوَصيةَ إذا كانَتْ لآدَميٍّ مُعيَّنٍ وُقِفتْ على قَبولِه، وإنْ كانَتْ لغيرِ مُعيَّنٍ كالمَساكينِ أو لمَسجدٍ أو نَحوِه لم تَفتقرْ إلى قَبولٍ، كذا هاهُنا.

فعَلى هذا إنْ رَدَّه بطَلَ في حقِّهِ دونَ مَنْ بعدَه، وصارَ كالوَقفِ المُنقطعِ الابتِداءِ يُخرَّجُ في صحَّتِه في حقِّ مَنْ سِواه وبُطلانِه وَجهانِ؛ بِناءً على تَفريقِ الصَّفقةِ …

قالَ ابنُ قُدامةَ : فإنَّ قُلنا بصِحَّتِه فهلْ يَنتقلُ مِنْ الحالِ إلى مَنْ بعدَه؟ أو يُصرَفُ في الحالِ إلى مَصرِفٍ في الوَقفِ المُنقطِعِ إلى أنْ يَموتَ الذي رَدَّه ثمَّ يَنتقلُ إلى مَنْ بعدَه؟ على وَجهينِ (١).

وقالَ المِرداويُّ : وعلى القَولِ بالاشتِراطِ قالَ الحارِثيُّ: يُشترطُ اتِّصالُ القَبولِ بالإيجابِ، فإنْ تَراخى عنه بطَلَ كما يَبطلُ في البَيعِ والهبةِ، وعلَّلَه ثمَّ قالَ: وإذا عُلِمَ هذا فيَتفرَّعُ عليه عَدمُ اشتِراطِ القَبولِ مِنْ المُستحِقِّ الثاني والثالثِ ومَن بعدُ؛ لتَراخِي استِحقاقهم عن الإيجابِ، ذكَرَه بَعضُ الأصحابِ.

قالَ: وهذا يُشكِلُ بقَبولِ الوَصيةِ مُتراخِيًا عن الإيجابِ. انتهى


(١) «المغني» (٥/ ٣٥٠)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٠٠)، و «المبدع» (٥/ ٣٢٤)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>