للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انصَرفَ إلى الوَقفِ وانقَطعَ الاحتِمالُ، والقَرينةُ أنْ يَقولَ: «تَصدَّقتُ صَدقةً مَوقوفةً، أو مُحبَّسةً، أو مُسبَّلةً، أو مُحرَّمةً، أو مُؤبَّدةً»، أو يَقولَ: «صَدقةٌ لا تُباعُ ولا تُوهَبُ ولا تُورثُ»؛ لأنَّ هذه كلَّها تُصرَفُ إلى الوَقفِ، وكذلكَ إذا نَوى الوَقفُ انصَرفَ إلى الوَقفِ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى، ولا يَصيرُ وَقفًا مِنْ الحُكمِ، فإذا أقَرَّ بأنه نوَى الوَقفَ صارَ وَقفًا في الحُكمِ حينَئذٍ، كما قالَ: «أنتِ حِلٌّ» ونوَى الطلاقَ وقَعَ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى، فإذا أقَرَّتْ بالنِّيةِ وقَعَ الطلاقُ في الحُكمِ، فأمَّا إذا قالَ: «وقَفْتُ» كانَ ذلكَ صَريحًا فيهِ؛ لأنَّ الشَّرعَ قد ورَدَ بها حيثُ قالَ لعُمرَ: «حبِّسِ الأصلَ وسبِّلِ الثَّمرةَ»، وعُرفُ الشَّرعِ بمَنزلةِ عُرفِ العادةِ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: إذا قالَ: «حرَّمْتُ كذا» لم يَصحَّ الوَقفُ بها مُجرَّدةً عمَّا يَصرفُها إليه إلا بنِيةِ الوَقفِ، فمَن أتَى بكِنايةٍ واعتَرفَ بأنه نَوى بها الوَقفَ لَزمَه حُكمًا؛ لأنها بالنِّيةِ صارَتْ ظاهِرةً فيه، وإنْ قالَ: «ما أرَدتُ بها الوقفَ» قُبلَ قولُه؛ لأنَّ نِيتَه لا يَطَّلعُ عليها غيرُه.

أو يَقرِنَ لفْظَ الكِنايةِ بأحَدِ الألفاظِ الخَمسةِ، وهي الصَّرائحُ الثلاثُ والكِنايتانِ كقولِه: «تَصدَّقتُ صَدقةً مُحرَّمةً»

أو يَقرنَ الكِنايةَ بحُكمِ الوَقفِ كقَولِه: «تَصدَّقتُ به صَدقةً لا تُباعُ، أو صَدقةً لا تُوهَبُ، أو صَدقةً لا تُورثُ، أو: تَصدَّقتُ بدارِي على قَبيلةِ كذا أو على طائِفةِ كذا»؛ لأنَّ ذلكَ كلَّه لا يُستعملُ في غَيرِ الوَقفِ فانتَفَتِ الشَّركةُ.


(١) «الحاوي الكبير» (٧/ ٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>