للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قالَ رَبُّ دارٍ: «تَصدَّقتُ بدارِي على فُلانٍ» ثُمَّ قالَ المُتصدِّقُ بعدَ ذلكَ: «أرَدتُ الوَقفَ» ولم يُصدِّقْه فُلانٌ وقالَ: «إنَّما هي صَدقةٌ فلِي التَّصرفُ في رَقبتِها بما أُريدُ» لم يُقبَلْ قولُ المُتصدِّقِ في الحُكمِ؛ لأنه خِلافُ الظاهرِ (١).

٢ - «حرَّمْتُ»: ذهَبَ عامَّةُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ (٢) والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابلةُ إلى أنَّ لَفظةَ «حرَّمْتُ» ليسَتْ لَفظةً صَريحةً في الوَقفِ؛ لأنَّ التَّحريمَ يُستعملُ في الظِّهارِ والأَيمانِ، ويَكونُ تَحريمًا على نَفسِه وعلى غَيرِه، ولا يَقتضِي تَمليكَ العينِ، والوَقفُ يَقتضِي تَمليكَ العينِ، فلم تَكنْ صَريحةً بل هيَ كِنايةٌ؛ لأنها لا تُستعملُ مُستقلَّةً، وإنَّما يُؤكَّدُ بها، فإذا أفرَدَها لم يَكنِ المَعنى مُستفادًا منها؛ لعَدمِ صَلاحيَّتِها للاستِقلالِ.

قالَ الشافِعيُّ : فإذا قالَ: «تَصدَّقتُ بدارِي على قَومٍ أو رَجلٍ مَعروفٍ حَيٍّ يومَ تَصدَّقَ عليهِ، وقالَ: صَدقةٌ مُحرَّمةٌ، أو قالَ: مَوقوفةٌ، أو قالَ: صَدقةٌ مُسبَّلةٌ» فقدْ خرَجَتْ مِنْ مِلكِه، فلا تَعودُ مِيراثًا أبَدًا.

قالَ الماوَرديُّ : وهذا كما قالَ، ألفاظُ الوَقفِ سِتَّةٌ: «تَصدَّقتُ، ووقَفْتُ وحبَّسْتُ»؛ لأنَّ التَّصدقَ يَحتملُ الوَقفَ ويَحتملُ صَدقةَ التمليكِ المُتطوَّعَ بها ويَحتملُ الصَّدقةَ المَفروضةَ، فإذا قرَنَه بقَرينةٍ تَدلُّ على الوَقفِ


(١) «المغني» (٥/ ٣٥٠، ٣٥١)، و «الكافي» (٢/ ٤٥٤)، و «المبدع» (٥/ ٣١٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٣٢، ٣٣٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٩٥)، و «الروض المربع» (٢/ ١٦٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٧٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٢٠).
(٢) «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>