وكذا يَجبُ على الإمامِ أنْ يَقفَ مَسجدًا مِنْ بيتِ المالِ للمُسلمينَ، وإنْ لم يَكنْ في بيتِ المالِ شيءٌ فعَلى المُسلمينَ (١).
وقد يَكونُ حَرامًا، كما لو وقَفَ على مَعصيةٍ، كمَن وقَفَ على كَنيسةٍ أو بِيعةً يُعبَدُ فيها غيرُ اللهِ ويُشرَكُ به فيها.
ومِن الوَقفِ الحَرامِ أيضًا ما نَصَّ عليه المالِكيةُ في أحَدِ الأقوالِ عِندَهم مِنْ الوَقفِ على البَنينَ دونَ البَناتِ؛ لأنه يُشبِهُ فِعلَ الجاهِليةِ مِنْ حِرمانِ البناتِ مِنْ إرثِ أبيهِم، وإنْ كانَ في المَسألةِ سِتةُ أقوالٍ …
قالَ الدُّسوقيُّ ﵀: في الوَقفِ على البَنينَ دونَ البناتِ أقوالٌ:
أوَّلُها: البُطلانُ مع حُرمةِ القُدومِ على ذلكَ.
ثانِيها: الكَراهةُ معَ الصِّحةِ، والكَراهةُ على بابِها.
ثالثُها: جَوازُه مِنْ غيرِ كَراهةٍ.
رابعُها: الفرقُ بينَ أنْ يُحازَ عنه فيَمضيَ على ما حَبسَه عليهِ، أو لا يُحازَ فيَردُّه للبنينَ والبناتِ معًا.
خامِسُها: ما رَواهُ عيسى عن ابنِ القاسِمِ حُرمةُ ذلكَ، فإنْ كانَ الواقفُ حَيًّا فسَخَه وجعَلَه للذُّكورِ والإناثِ وإنْ ماتَ مضى.
سادِسُها: فَسخُ الحَبسِ وجَعلُه مَسجدًا إنْ لم يَأبَ المُحبَّسُ عليهِم، فإنْ أَبَوْا لم يَجُزْ فَسخُه، ويُقَرُّ على حالِهِ حَبسًا وإنْ كانَ الواقفُ حَيًّا.
(١) «شرح فتح القدير» (٦/ ٢٠٨)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٠٦)، و «درر الحكام شرح غرر الأحكام» (٢/ ٤٠٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٣٣٩).