وإذا حاضَت في الشهرِ الأولِ أو الشَّهرِ الثاني فهي كالمُعتادةِ غيرِ الحاملِ تَمكثُ عادَتَها، والاستِظهارُ -وهو قَولُ مالِكٍ- المَرجوعُ إليه، وهو الراجِحُ.
وقالَ ابنُ يُونسَ: الذي يَنبَغي على قَولِ مالِكٍ الذي رجَعَ إليه أنْ تَجلسَ في الشَّهرِ والشَّهرَينِ قَدرَ أيامِها وقَدرَ الاستِظهارِ؛ لأنَّ الحَملَ لا يَظهرُ في شَهرٍ ولا شَهرَين، فهي مَحمولةٌ على أنَّها حائِلٌ حتى يَظهرَ الحَملُ، ولا يَظهرُ إلا في ثَلاثةِ أشهُرٍ.
والقَولُ الثاني هو أنَّ حُكمَ الحَيضِ في الشَّهرِ الأولِ والشَّهرِ الثاني حُكمُ ما بعدَه، أي: الشَّهرِ الثالِثِ، وهو قَولُ مالِكٍ المَرجوعُ عنه (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ أقَلَّ الحَيضِ يَومٌ ولَيلةُ؛ لأنَّه ورَدَ في الشَّرعِ مُطلقًا من غيرِ تَحديدٍ، ولا حَدَّ له في اللُّغةِ ولا في الشَّريعةِ، فيَجبُ الرُّجوعُ فيه إلى العُرفِ والعادةِ، كما في القَبضِ والإِحرازِ والتَّفرُّقِ وأَشباهِها، وقد وُجدَ حَيضٌ مُعتادٌ يَومًا ولم يُوجَدْ أقَلُّ منه، قالَ عَطاءٌ:«رأيتُ من النِّساءِ مَنْ تَحيضُ يَومًا».
وقالَ الشافِعيُّ:«رأيتُ امرأةً أُثبِتَ لي عنها أنَّها لم تَزلْ تَحيضُ يَومًا ولا تَزيدُ عليه».
(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (١/ ٢٧٠، ٢٧٢)، و «منح الجليل» (١/ ١٦٩)، و «شرح مختصر خليل» (١/ ٢٠٤، ٢٠٥)، و «تحبير المختصر» (١/ ٢٠٩، ٢١٠).