للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَكالةُ، كما لو وكَّله في بَيعِ عَبدٍ فماتَ (١).

قالَ الحَنفيَّةُ: تَبطُلُ الوَكالةُ بهَلاكِ العَبدِ الذي وُكِّلَ ببَيعِه أو بإعتاقِه أو بهِبَتِه أو بتَدبيرِه أو بكِتابَتِه أو نحوِ ذلك؛ لأنَّ التَصرُّفَ في المَحَلِّ لا يُتَصَوَّرُ بعدَ هَلاكِه، والوَكالةُ بالتَصرُّفِ فيما لا يَحتَمِلُ التَصرُّفَ مُحالةٌ، فبطَل (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: تَبطُلُ الوَكالةُ أيضًا بتَلَفِ العَينِ التي وُكِّلَ في التَصرُّفِ فيها؛ لأنَّ مَحَلَّ الوَكالةِ قَدْ ذهَب، وتَبطُلُ أيضًا بدَفْعِه -أي: الوَكيلِ- عِوَضًا لَم يُؤمَرْ بدَفْعِه، فلَو وكَّله في شِراءِ عَبدٍ بهذه الدَّراهِمِ وفي شِراءِ أَمَةٍ بدَراهِمَ أُخرَى فبذَل ثَمَنَ أحَدِهِما في الآخَرِ بطَلتْ؛ لأنَّه إنَّما وكَّله في شِرائِه.

وَتَبطُلُ أيضًا باقتِراضِ الوَكيلِ المالَ الذي بيَدِه لِلمُوكِّلِ، كما تَبطُلُ الوَكالةُ بتَلَفِه، كما إذا دفَع المُوكِّلُ إليه دِينارًا وكَّله في الشِّراءِ به، فاستَقرَضَ الوَكيلُ الدِّينارَ وتصرَّفَ فيه لِنَفْسِه، بطَلتِ الوَكالةُ.

ولو عزَل دِينارًا عوَّضه واشترَى به الوَكيلُ يَصيرُ كالشِّراءِ لِلمُوكِّلِ مِنْ غيرِ إذْنٍ؛ لأنَّ الوَكالةَ بطَلتْ، ولأنَّ الدِّينارَ الذي عزَله الوَكيلُ عِوَضًا لا يَصيرُ لِلمُوكِّلِ حتى يَقبِضَهُ؛ فإذا اشترَى لِلمُوكِّلِ به شَيئًا ولَم يُسَمِّه في العَقدِ


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٣٩)، و «الهندية» (٣/ ٣٦٨)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٢٧٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢١٢)، و «المغني» (٥/ ٧٣)، و «المبدع» (٤/ ٣٦٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥١٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤٧، ٥٤٨)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤٥٧).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٣٩)، و «الهندية» (٣/ ٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>