للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الشَّافِعيَّةُ إلى أنَّ الوَكالةَ تَبطُلُ بجُنونِ أحَدِهِما: الوَكيلِ أوِ المُوكِّلِ، وإنْ لَم يَعلَمِ الآخَرُ به، ولو زالَ الجُنونُ عن قُربٍ؛ لأنَّه لو قارَنَ العَقدَ مُنِعَ الِانعِقادُ؛ فإذا طَرَأَ قطَعه.

قالَ الدَّميريُّ في «النَّجْمِ الوَهَّاجِ»: وقيلَ: إنْ قَصُرَ زَمَنُ الجُنونِ، بحيثُ لا يُحوِجُ إلى نَصبِ القَوَامِ، لَم يُؤثِّرْ، أمَّا المُطبِقُ فأجمَعوا على الِانعِزالِ به (١).

وقالَ الماوَرديُّ : لو أنَّ رَجُلًا وكَّل عاقِلًا ثم جُنَّ الوَكيلُ كانَ على ما ذَكَرْنا في جُنونِ المُوكِّلِ إنِ استَدامَ به إلى حالٍ يَصيرُ مَولًى عليه بطَل تَوكيلُه، وإنْ أفَاقَ مِنه قَريبًا بطَلتْ وَكالَتُه على مَذهبِ الشَّافِعيِّ، وجازَتْ على قَولِ أبي العَبَّاسِ ابنِ سُرَيجٍ (٢).

أمَّا الحَنابِلةُ فأطلَقوا وقالوا: تَبطُلُ الوَكالةُ بجُنونٍ مُطبِقٍ مِنْ أحَدِهِما، أي: المُوكِّلِ، أوِ الوَكيلِ؛ لأنَّ الوَكالةَ تَعتَمِدُ العَقلَ؛ فإذا انتَفَى انتَفَتْ صِحَّتُها؛ لِانتِفاءِ ما تَعتَمِدُ عليه، وهو أهلِيَّةُ التَصرُّفِ.

قالَ المِرداوِيُّ : وأكثَرُ الأصحابِ أطلَقَ الجُنونَ (٣).


(١) «النجم الوهاج» (٥/ ٦٤).
(٢) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٠٧)، و «البيان» (٦/ ٤٥٥)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٢٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢١٧)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٦٢)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٧٠)، و «الديباج» (٢/ ٣٢٣).
(٣) «الإنصاف» (٥/ ٣٦٨، ٣٦٩)، و «المغني» (٥/ ٧١)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢١٣)، و «المبدع» (٤/ ٣٦٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥١٧)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>