للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَراه من الدَّمِ حُكمَ المُستحاضةِ لمَا رُويَ عن عائِشةَ أنَّها قالَت: «إذا بلَغَت خَمسينَ سَنةً خرَجَت من حَدِّ الحَيضِ».

ورُويَ عنها أنَّها قالَت: «لن تَرى المَرأةُ في بَطنِها وَلدًا بعدَ الخَمسينَ».

ورُويَ عنه أنَّ نِساءَ الأعاجِمِ يَئِسنَ من المَحيضِ في الخَمسينَ، ونِساءَ بَني هاشِمٍ ونِساءَ غيرِهم من العَربِ إلى السِّتينَ سَنةً وهو قَولُ أهلِ المَدينةِ لمَا رَوى الزُّبَيرُ بنُ بَكارٍ في كِتابِ النَّسبِ عن بَعضِهم أنَّه قالَ: لا تَلدُ لخَمسينَ سَنةً إلا العَربيةُ، ولا تَلدُ لسِتينَ إلا قُرشيةٌ.

وقال: إنَّ هِندَ بِنتَ أبي عُبيدةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ زَمعةَ ولَدَت موسى بنَ عبدِ اللهِ بن حَسنِ بنِ حَسنِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ ولها سِتونَ سَنةً، وقالَ أحمدُ في امرأةٍ من العَربِ رأتِ الدَّمَ بعدَ الخَمسينَ: إنْ عاوَدَها مرَّتينِ أو ثَلاثًا فهو حَيضٌ، وذلك لأنَّ المَرجعَ في هذا إلى الوُجودِ.

وقد وُجدَ حَيضٌ من نِساءٍ ثِقاتٍ أخبَرنَ به عن أنفُسِهن بعدَ الخَمسينَ، فوجَبَ اعتِقادُ كَونِه حَيضًا كما قبلَ الخَمسينَ، ولأنَّ الكَلامَ فيما إذا وُجدَ من المَرأةِ دَمٌ في زَمنِ عادَتِها على وَجهٍ كانَت تَراه قبلَ ذلك، فالوُجودُ ههنا دَليلُ الحَيضِ، كما كانَ قبلَ الخَمسينَ دَليلًا، فوجَب جَعلُه حَيضًا، وأمَّا إِيجابُ الصَّلاةِ والصَّومِ فيه فللاحتِياطِ لوُقوعِ الخِلافِ فيه.

والصَّحيحُ أنَّه لا فَرقَ بينَ نِساءِ العَربِ وغيرِهِنَّ؛ لأنَّهنَّ لا يَختلِفنَ في سائِرِ أَحكامِ الحَيضِ، فكذلك في هذا وما ذُكرَ عن عائِشةَ لا حُجةَ فيه؛ لأنَّ وُجودَ الحَيضِ أمرٌ حَقيقيٌّ، المَرجعُ فيه إلى الوُجودِ، والوُجودُ

<<  <  ج: ص:  >  >>