للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ مالِكٌ والشافِعيُّ: ليسَ له حَدٌّ، وإنَّما الرُّجوعُ فيه إلى العاداتِ في البُلدانِ؛ فإنَّه مُختلِفٌ باختِلافِها، فيُسرعُ اليأسُ من الحَيضِ في البِلادِ الحارةِ ويَتأخَّرُ في البِلادِ البارِدةِ.

وقالَ الإمامُ أحمدُ في إحدَى الرِّواياتِ: غايَتُه خَمسونَ سَنةً في العَربياتِ وغيرِهِنَّ، والثانيةُ: سِتُّون سنةً، والثالِثةُ: إنْ كُنَّ عَربياتٍ فالغايةُ سِتُّونَ سنةً، وإنْ كُنَّ نَبطياتٍ أو أعجَمياتٍ فخَمسونَ (١).

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (وإذا رأتِ الدَّمَ ولها خَمسونَ سَنةً لا تَدعُ الصَّومَ ولا الصَّلاةَ وتَقضي الصَّومَ احتِياطًا؛ فإنْ رأتْه بعدَ السِّتينِ فقد زالَ الإِشكالُ وتُيقِّنَ أنَّه ليسَ بحَيضٍ فتَصومُ وتُصلِّي ولا تَقضي.

اختَلفَت الرِّوايةُ عن أحمدَ في هذه المَسألةِ، فالذي نقَلَ الخِرقيُّ ههنا أنَّها لا تَيأسُ من الحَيضِ يَقينًا إلى سِتِّينَ سَنةً، وما تَراه فيما بينَ الخَمسينَ والسِّتينَ مَشكوكٌ فيه لا تَتركُ له الصَّلاةَ ولا الصَّومَ؛ لأنَّ وُجوبَهما مُتيقَّنٌ فلا يَسقطُ بالشَّكِّ وتَقضي الصَّومَ المَفروضَ احتِياطًا؛ لأنَّ وُجودَه كانَ مُتيقَّنًا وما صامَتْه في زَمنِ الدَّمِ مَشكوكٌ في صِحتِه فلا يَسقطُ به ما تُيقِّنَ وُجوبُه.

ورُويَ عنه ما يَدلُّ على أنَّها بعدَ الخَمسينَ لا تَحيضُ، وكذلك قالَ إِسحاقُ بنُ راهَوَيهِ، ولا يَكونُ حَيضًا بعدَ الخَمسينَ، ويَكونُ حُكمُها فيما


(١) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٥٠٢، ٥٠٣)، و «المغني» (١/ ٤٥٩)، و «الإفصاح» (١/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>