للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصُّورةُ الثَّانيةُ: إذا وكَّله في بَيعِ شَيءٍ فباعَه الوَكيلُ بعَشَرةٍ مثلًا، وأشبَهَتْ أنْ تَكونَ ثَمَنًا لِذلك المَبيعِ، وقُلتَ أنتَ: ما أمَرتُكَ أنْ تَبيعَها إلَّا بأكثَرَ مِنْ عَشَرةٍ، والحالُ أنَّ المَبيعَ فاتَ بيَدِ المُشتَرِي بزَوالِ عَينهِ؛ لأنَّ الفَواتَ هُنا كالِاستِحقاقِ، لا تَفوتُ السِّلعةُ إلَّا بزَوالِ عَينِها، فلا تَفوتُ بعِتقٍ ولا بهِبةٍ، وما أشبَهَ ذلك، أوْ لَم تَفُتِ السِّلعةُ بيَدِ المُشتَرِي، ولَم تَحلِفْ أنتَ يا مُوكِّلُ، فالقَولُ قَولُ الوَكيلِ أيضًا، ويَبرَأُ؛ لأنَّه مُدَّعٍ عليه الضَّمانَ، أمَّا إنْ حلَف المُوكِّلُ مَع قيامِ السِّلعةِ؛ فإنَّه يَأخُذُها؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ مِلْكِه على سِلعَتِه فمَن أحَبَّ إخراجَها عن مِلْكِه فهو مُدَّعٍ، ورَبُّ السِّلعةِ مُدَّعًى عليه (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : وهذا القَولُ أصَحُّ؛ لوَجهينِ:

أحَدُهما: أنَّهما اختَلَفا في التَّوكيلِ الذي يَدَّعِيه الوَكيلُ، والأصلُ عَدمُه، فكانَ القَولُ قولَ مَنْ يَنفِيه، كما لو لَم يُقِرَّ المُوكِّلُ بتَوكيلِه في غيرِه.

والآخَرُ: أنَّهما اختَلَفا في صِفةِ قَولِ المُوكِّلِ، فكانَ القَولُ قوله في صِفةِ كَلامِه، كما لو اختَلفَ الزَّوجانِ في صِفةِ الطَّلاقِ، فعلى هذا إذا قالَ: اشترَيتُ لكَ هذه الجاريةَ بإذْنِكَ، قالَ: ما أذِنتُ لكَ إلَّا في شِراءِ غيرِها، أو قالَ: اشترَيتُها لكَ بألْفَيْنِ، فقالَ: ما أذِنتُ لكَ في شِرائِها إلَّا بألْفٍ، فالقَولُ


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٧٨)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٨٣، ٨٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢١٧)، و «مواهب الجليل» (٧/ ١٧٦، ١٧٧)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٩٨، ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>