للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإزالةِ الضَّرَرِ عَنها بما لا ضَرَرَ عليه فيه، فأشبَهَ النِّكاحَ الفاسِدَ.

ولو ادَّعى أنَّ فُلانًا الغائِبَ وكَّله في تَزويجِ امرَأةٍ، فتَزوَّجها له ثم ماتَ الغائِبُ، لَم تَرِثْه المَرأةُ، إلَّا أنْ يُصَدِّقَه الوَرثةُ، أو يُثْبِتَ ببيِّنةٍ.

وإنْ أقَرَّ المُوكِّلُ بالتَّوكيلِ في التَّزويجِ وأنكَرَ أنْ يَكونَ الوَكيلُ تَزوَّج له فههُنا الِاختِلافُ في تَصرُّفِ الوَكيلِ، والقَولُ قَولُ الوَكيلِ فيه، فيَثبُتُ التَّزويجُ ههُنا.

وقالَ القاضي : لا يَثبُتُ، وهو قَولُ أبي حَنيفةَ؛ لأنَّه لا تَتَعَذَّرُ إقامةُ البيِّنةِ عليه؛ لِكَونِه لا يَنعَقِدُ إلَّا بها، وذكَر أنَّ أحمدَ نَصَّ عليه، وأشارَ إلى نَصِّه فيما إذا أنكَرَ المُوكِّلُ الوَكالةَ مِنْ أصْلِها.

ولَنا: أنَّهما اختَلَفا في فِعلِ الوَكيلِ ما أُمِرَ به، فكانَ القَولُ قوله، كما لو وكَّله في بَيعِ ثَوبٍ، فادَّعى أنَّه باعَه، أو في شِراءِ عَبدٍ بألْفٍ، فادَّعى أنَّه اشتَراه به، وما ذكَره القاضي مِنْ نَصِّ أحمدَ فيما إذا أنكَرَ المُوكِّلُ الوَكالةَ فليسَ بنَصٍّ ههُنا؛ لِاختِلافِ أحكامِ الصُّورَتَيْنِ وتَبايُنهِما، فلا يَكونُ النَّصُّ في إحداهُما نَصًّا في الأُخرَى، وما ذكَره مِنْ المعنَى لا أصِلَ له، فلا يُعَوَّلُ عليه.

ولو غابَ رَجُلٌ فجاءَ آخَرُ إلى امرَأتِه فذكَر أنَّ زَوجَها طَلَّقها وأبانَها، ووكَّله في تَجديدِ نِكاحِها بألْفٍ، فأذِنَتْ في نِكاحِها، فعقَد عليها وضَمِن الوَكيلُ الألْفَ، ثم جاءَ زَوجُها فأنكَرَ هذا كلَّه، فالقَولُ قَولُه، والنِّكاحُ الأوَّلُ بحالِه، وقياسُ ما ذَكَرْناه أنَّ المَرأةَ إنْ صدَّقتِ الوَكيلَ لَزِمَه الألْفُ، إلَّا أنْ يُبِينَها زَوجُها قبلَ دُخولِ الثَّاني بها، وحُكيَ ذلك عن مالِكٍ وزُفَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>