للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَولُه، نَصَّ عليه أحمَدُ، فقالَ: إنْ أقامَ البيِّنةَ وإلَّا لَم يَلزَمِ الآخَرَ عَقدُ النِّكاحِ، قالَ أحمَدُ: ولا يُستَحلَفُ، قالَ القاضي: لأنَّ الوَكيلَ يَدَّعي حَقًّا لِغيرِه، فأمَّا إنِ ادَّعَتْه المَرأةُ يَنبَغي أنْ يُستَحلَفَ؛ لأنَّها تَدَّعي الصَّداقَ في ذِمَّتِه؛ فإذا حلَف لَم يَلزَمْه الصَّداقُ، ولَم يَلزَمِ الوَكيلَ مِنه شَيءٌ؛ لأنَّ دَعوَى المَرأةِ على المُوكِّل وحُقوقَ العَقدِ لا تَتعلَّقُ بالوَكيلِ.

وَنقَل إسحاقُ بنُ إبراهيمَ عن أحمدَ أنَّ الوَكيلَ يَلزَمُه نِصفُ الصَّداقِ؛ لأنَّ الوَكيلَ في الشِّراءِ ضامِنٌ لِلثَّمنِ، ولأنَّ لِلبائِعِ مُطالَبتَه به، كذا ههُنا، والأوَّلُ أَوْلَى؛ لِمَا ذَكَرْناه، ويُفارِقُ الشِّراءَ؛ لأنَّ الثَّمنَ مَقصودُ البائِعِ، ولأنَّ العادةَ تَعجِيلُه، وأخْذَه مِنْ المُتَوَلي لِلشِّراءِ، ولأنَّ النِّكاحَ بخِلافِه في هذا كلِّه، ولكنْ إنْ كانَ الوَكيلُ ضَمِن المَهرَ فلَها الرُّجوعُ عليه بنِصفِهِ؛ لأنَّه ضَمِنه عن المُوكِّلِ، وهو مُقِرٌّ بأنَّه في ذِمَّتِه، وبِهذا قالَ أبو حَنيفةَ وأبو يُوسفَ الشَّافِعيُّ.

وقالَ مُحمَّدُ بنُ الحَسَنِ: يَلزَمُ الوَكيلَ جَميعُ الصَّداقِ؛ لأنَّ التَّفرِقةَ لَم تَقَعْ بإنكارِه، فيَكونُ ثابِتًا في الباطِنِ، فيَجِبُ جَميعُ الصَّداقِ.

ولَنا: أنَّه يَملِكُ الطَّلاقَ؛ فإذا أنكَرَ فقَد أقَرَّ بتَحريمِها عليه، فصارَ بمَنزِلةِ إيقاعِه لِمَا تَحرُمُ به، قالَ أحمَدُ: ولا تَتَزوَّجُ المَرأةُ حتى يُطلِّقَ، لَعَلَّه يَكونُ كاذِبًا في إنكارِه، وظاهِرُ هذا تَحريمُ نِكاحِها قبلَ طَلاقِها؛ لأنَّها مُعتَرِفةٌ بأنَّها زَوجةٌ له، فيُؤخَذُ بإقرارِها، وإنكارُه ليسَ بطَلاقٍ.

وَهَل يَلزَمُ المُوكِّلَ طَلاقُها؟ يُحتمَلُ ألَّا يَلزَمَه؛ لأنَّه لَم يَثبُتْ في حَقِّه نِكاحٌ ولو ثَبَتَ لَم يُكَلَّفِ الطَّلاقَ ويُحتمَلُ أنْ يُكلَّفَه؛ لِإزالةِ الِاحتِمالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>