ما قبَض شَيئًا، وعلى الوَكيلِ البيِّنةُ، وإنْ تَباعَدَ الأمْرُ، كالشَّهرِ ونحوِه، فالقَولُ قَولُ الوَكيلِ مَع يَمينِه، وإنْ طالَ الأمْرُ جِدًّا لَم يَكُنْ على الوَكيلِ بيِّنةٌ، فهو قَولُ مُطَرِّفٍ.
والثَّالثُ: إنْ كانَ بحَضرةِ ذلك في الأيَّامِ اليَسيرةِ صُدِّقَ الوَكيلُ مَع يَمينِه، وإنْ طالَ الأمرُ جِدًّا صُدِّقَ دونَ يَمينٍ، وهو قَولُ ابنِ الماجِشونِ وابنِ عَبدِ الحَكَمِ.
والرَّابِعُ: تَفرِقةُ أصبَغَ بينَ الوَكيلِ على شَيءٍ بعَينِه، فهو غارِمٌ حتى يُقيمَ البيِّنةَ، وإنْ طالَ الأمْرُ، والوَكيلُ المُفَوَّضُ يُصدَّقُ في القُربِ مَع يَمينِه، وفي البُعدِ دونَ يَمينٍ. انتَهَى.
وقالَ القاضي عَبدُ الوَهَّابِ ﵀ في «شَرحِ قَولِ الرِّسالةِ»: ومَن قالَ: رَدَدتُ إلَيكَ ما وَكَّلتَني عليه هذا؛ لأنَّ الوَكيلَ والمُودَعَ والرَّسولَ مُؤتمَنونَ فيما بينَهم وبينَ المُوكِّلِ والمُودَعِ والمُرسِلِ؛ فإذا ذَكَروا أنَّهم رَدُّوا ما دُفِعَ إليهم إلى أربابِه، قُبِلَ ذلك مِنهُم؛ لأنَّ أربابَ الأموالِ قَدِ ائتَمَنوهم على ذلك، فكانَ قَولُهم مَقبولًا فيما بينَهم وبينَهم، وكَذلك العامِلُ في القِراضِ مُؤتمَنٌ في رَدِّ القِراضِ ما بينَه وبينَ المالِكِ، إلَّا أنْ يَكونَ واحِدٌ مِنهم أخَذَ المالَ ببيِّنةٍ، فلا تُبْرِئُه دَعوَى رَدِّه، إلَّا أنْ يَكونَ له بيِّنةٌ؛ لأنَّ رَبَّ المالِ حينَئذٍ لو لَم يَأتَمِنْه لَمَا استَوثَقَ مِنه بالبيِّنةِ. انتَهَى.
تَنبيهاتٌ: الأوَّلُ: قَولُ المُصنِّفِ: كالمُودَعِ، يُشيرُ به -واللَّهُ أعلَمُ- إلى أنَّ الوَكيلَ إنَّما يُصدَّقُ في رَدِّ ما وُكِّلَ عليه إلى رَبِّه إذا قَبَضَه بغيرِ إشهادٍ، وأمَّا