للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَضاءَ في ناحيةٍ يَستَنيبُ غيرَه، حُكمُ الوَكيلِ فيما ذَكَرْنا مِنْ التَّفصيلِ (١).

وَسُئِلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : عن جَماعةٍ دَلَّالِينَ مُشتَرِكينَ في بَيعِ السِّلَعِ، هَلْ يَقدَحُ ذلك في دِينِهم؟ وهَل لِوَليِّ الأمْرِ -أعَزَّه اللَّهُ- مَنعُهم مِنْ غيرِ أنْ يَظهَرَ عليهم غِشٌّ أو تَدلِيسٌ.

فَأجابَ: الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ، أمَّا إذا كانَ التَّاجِرُ الذي يُسلِّمُ مالَه إلى الدَّلالِ قَدْ علِم أنَّه يُسلِّمُه إلى غيرِه مِنْ الدَّلَّالِينَ، ورَضيَ بذلك، لَم يَكُنْ بذلك بَأْسٌ، بلا رَيبٍ؛ فإنَّ الدَّلالَ وَكيلُ التَّاجِرِ، ولأنَّ الوَكيلَ له أنْ يُوكِّلَ غيرَه، كالمُوكِّلِ باتِّفاقِ العُلماءِ.

وَإنَّما تَنازَعوا في جَوازِ تَوكيلِه بلا إذْنِ المُوكِّلِ على قولَيْنِ مَشهورَيْنِ لِلعُلماءِ (٢).

وَممَّا يُستَدَلُّ به على جَوازِ تَوكيلِ الوَكيلِ ما رَواه مُسلِمٌ عن حُضَيْنِ بنِ المُنذِرِ، أبِي ساسانَ قالَ: شَهِدتُ عُثمانَ بنَ عَفَّانَ وأُتيَ بالوَليدِ قَدْ صَلَّى الصُّبحَ رَكعَتَيْنِ، ثم قالَ: أزيدُكم؟ فشهِد عليه رَجُلانِ، أحَدُهما حُمرانُ، أنَّه شَرِبَ الخَمرَ، وشهِد آخَرُ أنَّه رَآه يَتقيَّأُ، فقالَ عُثمانُ: إنَّه لَم يَتقيَّأْ حتى شَرِبَها. فقالَ: يا عَلِيُّ قُمْ فاجْلِدْه. فقالَ عَلِيٌّ: قُمْ يا حَسَنُ فاجْلِدْه. فقالَ الحَسَنُ: وَل حارَّها مَنْ تَوَلَّى قارَّها، فكَأنَّه وجَد عليه، فقالَ: يا عَبدَ اللَّهِ بنَ


(١) «المغني» (٥/ ٥٦، ٥٧)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٠٩، ٢١٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤٣)، و «الروض المربع» (٢/ ٥٩).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣٠/ ٩٧، ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>