وهو النَّقدانِ، فيَتقيَّدُ به، ولو عقَد الوَكيلُ الثَّاني بحَضرةِ الأوَل لَزِمَ المُوكِّلَ؛ لأنَّه برَأْيِه، فلَمْ يَكُنْ مُخالِفًا (١).
وَإنِ اشترَى الوَكيلُ الثَّاني بحَضرةِ الوَكيلِ الأوَل: نُفِّذَ على المُوكِّلِ الأوَل؛ لأنَّه حضَر رَأْيَه، فلَمْ يَكُنْ مُخالِفًا.
وكذا إنِ اشتَراه لِنَفْسِه أو لِمُوكِّلٍ آخَرَ بحَضرةِ الوَكيلِ، وصرَّح بأنَّه يَشتَريه لِنَفْسِه أو لِلمُوكِّلِ الآخَرِ كانَ المُشترَى له؛ لأنَّ له أنْ يَعزِلَ نَفْسَه بحَضرةِ المُوكِّلِ، وليسَ له العَزلُ مِنْ غيرِ عِلمِه، فبِإقدامِه على الشِّراءِ لِنَفْسِه قَدْ عزَل نَفْسَه.
ولا يَجوزُ له ألَّا يَشترِيَه لِمُوكِّلٍ آخَرَ بالأَوْلَى بدُونِ حَضرةِ المُوكِّلِ الأوَل، فلَوِ اشتَراه لِلثَّاني كانَ لِلأوَل، إنْ لَم يَقبَلْ وَكالةَ الثَّاني بحَضرةِ الأوَل، وإلَّا فهو لِلثَّاني، وإنْ كانَ الأوَّلُ وكَّله بشِرائِه بألْفٍ، والثَّاني بمِئةِ دِينارٍ، فاشتَراه بمِئةِ دِينارٍ، فهو لِلثَّاني؛ لأنَّه يَملِكُ شِراءَه لِنَفْسِه بمِئةٍ، فيَملِكُ شِراءَه لِغيرِه أيضًا.
قالَ الإمامُ الكاسانيُّ ﵀: الوَكيلُ بشِراءِ شَيءٍ بعَينِه لا يَملِكُ أنْ يَشترِيَه لِنَفْسِه، وإذا اشترَى يَقَعُ الشِّراءُ لِلمُوكِّلِ؛ لأنَّ شِراءَه لِنَفْسِه عَزلٌ لِنَفْسِه عن الوَكالةِ، وهو لا يَملِكُ ذلك إلَّا بمَحضَرٍ مِنْ المُوكِّلِ، كما لا يَملِكُ المُوكِّلُ عَزْلَه إلَّا بمَحضَرٍ مِنه … وأمَّا الوَكيلُ بشِراءِ شَيءٍ بغيرِ عَينِه إذا اشترَى يَكونُ مُشتَرِيًا لِنَفْسِه إلَّا أنْ يَنوِيَه لِلمُوكِّلِ.
(١) «الاختيار» (٣/ ٩٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute