للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَلْ يَصحُّ الشِّراءُ ويَضمَنُ الزِّيادةَ؟ أو يَتوقَّفُ على إجازةِ المُوكِّلِ؟ أو يَبطُلُ الشِّراءُ؟

فَذَهَبُ الحَنابِلةُ في المَذهبِ وأبو العَبَّاسِ مِنْ الشَّافِعيَّةِ إلى أنَّ الشِّراءَ صَحيحٌ، ويَضمَنُ الوَكيلُ لِلمُوكِّلِ النَّقصَ؛ لأنَّ فيه جَمعًا بينَ حَظِّ المُشتَري بعَدمِ الفَسخِ، وحَظِّ البائِعِ، فوجَب التَّضمينُ، وأمَّا الوَكيلُ فلا يُعتبَرُ حَظُّهُ؛ لأنَّه مُفَرِّطٌ (١).

وقالَ الحَنفيَّةُ: إذا قالَ له: اشتَرِ لي جاريةً بألْفِ دِرهَمٍ، فاشترَى جاريةً بأكثَرَ مِنْ الألْفِ تَلزَمُ الوَكيلَ دونَ المُوكِّلِ؛ لأنَّه خالَفَ أمرَ المُوكِّلِ، فيَصيرُ مُشتَرِيًا لِنَفْسِه.

والأصلُ أنَّ الوَكيلَ بالشِّراءِ إذا خالَفَ يَكونُ مُشتَرِيًا لِنَفْسِه، وأنَّ الوَكيلَ بالبَيعِ إذا خالَفَ يَتوقَّفُ على إجازةِ المُوكِّلِ، والفَرقُ بينَهما أنَّ الوَكيلَ بالشِّراءِ مُتَّهمٌ؛ لأنَّه يَملِكُ الشِّراءَ لِنَفْسِه، فأمكَنَ تَنفيذُه عليه … ومعنَى التُّهمةِ لا يَتعذَّرُ مِنْ الوَكيلِ بالبَيعِ، فاحتمَلَ التَّوَقُّفَ على الإجازةِ.

إلَّا إذا اشتَراه بعَيْنٍ مِنْ أعيانِ مالِ المُوكِّلِ، فيَتوقَّفُ على الإجازةِ؛ لأنَّه لمَّا اشتَراه بعَيْنٍ مِنْ أعيانِ مالِه فقَد باعَ العَينَ، والبَيعُ يَقِفُ على إجازةِ المُوكِّلِ (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٧٨، ٨٠)، و «الفروع» (٤/ ٨٣)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٨١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٥٦)، و «البيان» (٦/ ٤٣٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>