للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنَّما يُوجِبُه مُخالَفةٌ يَتعلَّقُ بها غَرَضٌ صَحيحٌ (١).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: يَجِبُ على الوَكيلِ في الوَكالةِ المُقيَّدةِ مُراعاةُ تَقييدِ المُوكِّلِ، ورِعايةُ المَفهومِ مِنه بحَسَبِ النُّطقِ أوِ العُرفِ؛ فَإنْ نَصَّ له على الشِّراءِ مِنْ شَخصٍ مُعيَّنٍ، كَزَيدٍ، أو في زَمانٍ مُعيَّنٍ، كَيَومِ كذا، أو شَهرِ كذا، أو في مَكانٍ مُعيَّنٍ، تَعيَّن على الوَكيلِ أنْ يَلتزِمَ بذلك على ما يَأتي، إلَّا إنْ خالَفَ لِلأحسَنِ، بأنَّ قالَ له: اشتَرِ بمِئةٍ، فاشترَى بأقَلَّ، صَحَّ، إلَّا أنْ يُصَرِّحَ بالنَّهْيِ عن النَّقصِ، فيَمتَنِعَ؛ لأنَّ النُّطقَ أبطَلَ حَقَّ العُرفِ.

وَمتى خالَفَ الوَكيلُ واشترَى بعَينِ مالِ المُوكِّلِ فتَصرُّفُه باطِلٌ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: الوَكيلُ بالبَيعِ المُقيِّدِ لا يَجوزُ له أنْ يُخالِفَ مُوكِّلَه إلَّا لِلأحسَنِ، ولا يَملِكُ مِنْ التَصرُّفِ إلَّا ما يَقتَضِيه إذْنُ مُوكِّلِه مِنْ جِهةِ النُّطقِ، أو مِنْ جِهةِ العُرفِ؛ لأنَّ تَصرُّفَه بالإذْنِ، فاختَصَّ بما أَذِنَ فيه، والإذْنُ يُعرَفُ بالنُّطقِ تارةً، وبِالعُرفِ أُخرَى، ولو وكَّل المُوكِّلُ رَجُلًا في التَصرُّفِ في زَمَنٍ مُقيَّدٍ لَم يَملِكِ التَصرُّفَ قبلَه ولا بعدَهُ؛ لأنَّه لَم يَتناوَلْه إذْنُه مُطلَقًا ولا عُرفًا؛ لأنَّه قَدْ يُؤثِّرُ التَصرُّفُ في زَمَنِ الحاجةِ إليه دونَ غيرِه، ولِهذا لمَّا


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٦٤، ٦٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٠٥)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٨٧، ٢٨٨).
(٢) «المهذب» (١/ ٣٥٠، ٣٥٢)، و «البيان» (٦/ ٤٣٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٠٩، ٥١٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٠٩، ٢١١)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٧، ٤٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٢، ٥٣)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٦١)، و «الديباج» (٢/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>