للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصلُ أنَّ الوَكيلَ بالشِّراءِ إذا خالَفَ يَكونُ مُشتَرِيًا لِنَفْسِه، وأنَّ الوَكيلَ بالبَيعِ إذا خالَفَ يَتوقَّفُ على إجازةِ المُوكِّلِ، والفَرقُ بينَهما أنَّ الوَكيلَ بالشِّراءِ مُتَّهمٌ؛ لأنَّه يَملِكُ الشِّراءَ لِنَفْسِه فأمكَنَ تَنفيذُه عليه، حتى إنَّه لو كانَ صَبِيًّا مَحجورًا، أو عَبدًا مَحجورًا، لا يُنَفَّذُ عليه، بَلْ يَتوقَّفُ على إجازةِ المُوكِّلِ؛ لأنَّهما لا يَملِكانِ الشِّراءَ لِنَفْسَيْهِما، فلا يُمكِنُ التَّنفيذُ عليهما، فتَوقَف، وكذا إذا كانَ الوَكيلُ مُرتَدًّا، أو كانَ وَكيلًا بشِراءِ عَبدٍ بعَينِه، فاشترَى نِصفَه؛ لِعدمِ إمكانِ التَّنفيذِ عليه، فاحتمَلَ التَّوَقُّفَ، ومعنَى التُّهمةِ لا يَتعذَّرُ مِنْ الوَكيلِ بالبَيعِ، فاحتمَلَ التَّوَقُّفَ على الإجازةِ.

ولو وكَّله بشِراءِ عَبدٍ فاشتَراه بعَيْنٍ مِنْ أعيانِ مالِ المُوكِّلِ تَوقَف على الإجازةِ؛ لأنَّه لمَّا اشتَراه بعَيْنٍ مِنْ أعيانِ مالِه فقَد باعَ العَيْنَ، والبَيعُ يَقِفُ على إجازةِ المُوكِّلِ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: الوَكيلُ بالشِّراءِ إذا خالَفَ ما وُكِّلَ فيه، بأنِ اشترَى بأكثَرَ ممَّا سمَّى له المُوكِّلُ خُيِّرَ المُوكِّلُ بينَ إمضاءِ فِعلِه أو رَدِّه، إلَّا أنْ يَلتزِمَ الوَكيلُ بالزَّائِدِ، فيَلزَمَ المُوكِّلَ.

إلَّا إذا خالَفَ لِلأحسَنِ، فيَلزَمُ المُوكِّلَ، كما لو نَقَصَ على ما أمَرَ به في الشِّراءِ، بأنْ قالَ له: اشتَرِها بعَشَرةٍ، فاشتَراها بثَمانيةٍ؛ فإنَّه لا خِيارَ لِمُوكِّلِه؛ لأنَّ هذا ممَّا يُرغَبُ فيه، وليسَ مُطلَقُ المُخالَفةِ يُوجِبُ خِيارًا،


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>