للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممَّا يُعفَى عن مِثلِه من الدَّمِ، وإنَّما يُعفَى عن ذلك إذا كانَ من حَيوانٍ طاهِرٍ من آدَميٍّ، سَواءٌ المُصلِّي وغَيرُه من غيرِ سَبيلٍ؛ فإنْ كانَ من سَبيلٍ لم يُعفَ عنه؛ لأنَّه في حُكمِ البَولِ أو الغائِطِ، وكذلك دَمُ حَيضٍ ونِفاسٍ واستِحاضةٍ لقَولِ عائِشةَ : ما كانَ لإحدانا إلا ثَوبٌ تَحيضُ فيه، فإذا أصابَه شَيءٌ من دَمٍ قالَت برِيقِها فقصَعَته بظُفرِها -أي: حرَّكَته وفرَكَته- قالَه في النِّهايةِ، أو من غيرِ دَمِ آدَميٍّ سَواءٌ كانَ من حَيوانٍ مَأكولِ اللَّحمِ كإبِلٍ وبَقرٍ أو لا كهِرٍّ، بخِلافِ الحَيوانِ النَّجسِ كالكَلبِ والخِنزيرِ، فلا يُعفَى عن شَيءٍ من دَمِه، وكذا دَمُ الحِمارِ والبَغلِ.

ويُضمُّ مُتفرِّقٌ في ثَوبٍ من دَمٍ ونَحوِه؛ فإنْ فحُشَ لم يُعفَ عنه وإلا عُفيَ عنه، ولا يُضمُّ مُتفرِّقٌ بأكثَرَ من ثَوبٍ، بل يُعتبَرُ ما في كلِّ ثَوبٍ على حِدتِه؛ لأنَّ أحدَهما لا يَتبعُ الآخَرَ، ولو كانَت النَّجاسةُ في شَيءٍ ضَعيفٍ قد نفَذَت فيه من الجانبَين فهي نَجاسةٌ واحِدةٌ، وإنْ لم تَتصِلْ بل كان بينَهما شَيءٌ لم يُصِبْه الدَّمُ فهما نَجاسَتانِ إذا بلَغا لو جُمِعا قَدرًا لا يُعفَى عنه لم يُعفَ عنها كجانبَيِ الثَّوبِ ودَمِ عِرقٍ مَأكولٍ بعدَ ما يَخرجُ بالذَّبحِ وما في خِلالِ اللَّحمِ طاهِرٌ، ولو ظهَرَت حُمرتُه نَصًّا؛ لأنَّه لا يُمكنُ التَّحرُّزُ منه كدَمِ سَمكٍ؛ لأنَّه لو كانَ نَجسًا لتَوقَّفت إِباحتُه على إِراقَتِه بالذَّبحِ كحَيوانِ البَرِّ (١).


(١) «كشاف القناع» (١/ ١٩٠، ١٩١)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ١٠٨)، و «الإنصاف» للمرداوي (١/ ٣٣١، ٣٣٣)، و «شرح العمدة» (١/ ١٠٥، ١٠٧)، و «المغني» (١/ ٤١١)، و «الكافي» (١/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>