للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنه، كما لو أمَرَه أنْ يَبيعَها بالدَّنانيرِ، فباعَها بالدَّراهِمِ أو العُروضِ، هَلْ يَصحُّ البَيعُ أو لا؟

فَذهَب الحَنفيَّةُ والشَّافِعيَّةُ والقاضي مِنْ الحَنابِلةِ إلى أنَّ المُوكِّلَ إذا عيَّن لِلوَكيلِ نَقدًا مُعيَّنًا، فلا يَجوزُ لِلوَكيلِ أنْ يَبيعَه بغيرِه، أو بالعُروضِ، سَواءٌ كانَ مِنْ أغلَبِ النُّقودِ أو لا. قالَ الشَّافِعيَّةُ: لأنَّه غيرُ المأْمورِ بهِ؛ لأنَّ الإذْنَ في جِنسٍ ليسَ بإذْنٍ في جِنسٍ آخَرَ، ولِهذا لو أذِنَ له في شِراءِ عَبدٍ لَم يَجُزْ أنْ يَشترِيَ جاريةً، ولو أَذِنَ له في شِراءِ حِمارٍ لَم يَجُزْ أنْ يَشترِيَ فَرَسًا (١).

وقالَ الحَنفيَّةُ: ولو وكَّله بأنْ يَبيعَه بألْفِ دِرهَمٍ، فباعَه بغيرِ الدَّراهِمِ لَم يَجُزْ، وإنْ كانَ قِيمةُ ذلك أكثَرَ مِنْ ألْفِ دِرهَمٍ؛ لأنَّه خِلافٌ إلى شَرٍّ؛ لأنَّ أغراضَ النَّاسِ تَختلِفُ باختِلافِ الأجناسِ، فكانَ في معنَى الخِلافِ إلى شَرٍّ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ -وهو احتِمالٌ لِبعضِ الشَّافِعيَّةِ، ذكَره النَّوَويُّ عن ابنِ كَجٍّ والغَزالِيِّ (٣): إنْ قالَ المُوكِّلُ لِوَكيلِه: بِعْه بدِرهَمٍ، فباعَه بدِينارٍ، أو قالَ: اشتَرِه بدِينارٍ، فاشتَراه بدِرهَمٍ، صَحَّ البَيعُ والشِّراءُ؛ لأنَّه


(١) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٤٣)، و «المهذب» (١/ ٣٥٣)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥١٤)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٢٧)، و «المبدع» (٤/ ٣٧٠)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٨٢).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٧)، و «الفتاوى الهندية» (٣/ ٥٩٠).
(٣) «روضة الطالبين» (٣/ ٥١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>