وإذا لَم تَفُتِ السِّلعةُ لَم يَمتَنِعْ رِضاه بالثَّمنِ المُؤجَّلِ؛ لأنَّ رِضاه حينَئذٍ كَإنشاءِ عُقدةٍ، وقَد تَقدَّم أنَّه إذا خالَفَ الوَكيلُ في البَيعِ؛ فإنَّه يُخيَّرُ المُوكِّلُ في رَدِّ البَيعِ وفي إجازَتِه، فكَذلك هُنا يُخيَّرُ المُوكِّلُ في إجازةِ البَيعِ بالثَّمنِ المُؤجَّلِ، وفي رَدِّ المَبيعِ، وأخْذِ سِلعَتِه، وسَواءٌ سمَّى له الثَّمنَ الوَكيلُ أو لا.
ولا يَجوزُ لِلمُوكِّلِ أنْ يُلزِمَ الوَكيلَ القِيمةَ أوِ التَّسميةَ؛ لأنَّه يُؤدِّي إلى دَفْعِ قَليلٍ في كَثيرٍ، وإنَّ الحُكمَ في ذلك أنْ يُباعَ الدَّيْنُ المُؤجَّلُ؛ فإذا بِيعَ فإنْ وَفَّى بقِيمةِ السِّلعةِ إنْ كانَ المُوكِّلُ لَم يُسَمِّ له ثَمَنًا، أو بالتَّسميةِ إنْ كانَ سمَّى له ثَمَنًا، فلا كَلامَ لِلمُوكِّلِ.
وإنْ لَم يُوَفِّ ما بِيعَ به الدَّيْنُ بالقِيمةِ في الصُّورةِ الأُولَى، أو بالتَّسميةِ في الصُّورةِ الثَّانيةِ؛ فإنَّ الوَكيلَ يُغَرَّمُ لِلمُوكِّلِ ما نَقَصَ؛ فَإنْ بِيعَ بأكثَرَ أخَذَ المُوكِّلُ الجَميعَ؛ إذْ لا رِبْحَ لِلمُتعَدِّي.
وَمَحَلُّ مَنْعِ الرِّضا بالدَّيْنِ مَع فَواتِ المَبيعِ حيثُ كانَ الدَّيْنُ الذي وقَع به البَيعُ أكثَرَ مِنْ الثَّمنِ أوِ القِيمةِ، كما لو كانَتْ عَشَرةً، أو قالَ له: بِعْ بعَشَرةٍ، فباعَه بخَمسةَ عَشَرَ لِأجَلٍ، وأمَّا لو كانَ الدَّيْنُ الواقِعُ به البَيعُ مثلَ التَّسميةِ، أو قِيمةِ الشَّيءِ المَبيعِ؛ فإنَّه يَجوزُ لِلمُوكِّلِ الرِّضا به (١).
(١) «الإشراف» (٣/ ٨١) رقم (٩٤٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٧١، ٧٢)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢١٢، ٢١٣)، و «مواهب الجليل» (٧/ ١٦٣، ١٦٤)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧٩، ٨٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٨٧، ٢٨٨).