للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجِبُ تَسليمُ المَبيعِ أولا لِلمُشتَرِي، ويَتَأخَّرُ قَبضُ الثَّمنِ إلى حُلولِ الأجَلِ. ففي تلك الحالِ إذا أنكَرَ المُشتَرِي أو ماتَ مُفلِسًا يُحتمَلُ أنْ يَهلِكَ ويَتلَفَ الثَّمنُ، أمَّا في البَيعِ مُعَجَّلًا فلِعدمِ احتِمالِ الهَلاكِ فيه، فالتَّقييدُ بالبَيعِ نَقدًا أصبَحَ مُفيدًا ومُعتبَرًا، فإنْ باعَ المالَ وسلَّمَه كانَ ضامِنًا (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: مَنْ وكَّل رَجُلًا على بَيعِ سِلعةٍ بالنَّقدِ، أو لَم يُسَمِّ له نَقدًا، ولا مُؤجَّلًا، وكانَ شَأنُها أنَّها لا تُباعُ إلَّا بالنَّقدِ، فخالَفَ الوَكيلُ وباعَها في الصُّورَتَيْنِ بالدَّيْنِ؛ فإنَّ الوَكيلَ مُتعَدٍّ في بَيعِه بالدَّيْنِ، وسَواءٌ سمَّى له المُوكِّلُ قَدْرَ رَأْسِ الثَّمنِ أو لا.

ثم لا يَخْلُو الحالُ مِنْ أمرَيْنِ:

إمَّا أنْ يَطَّلِعَ على ذلك بعدَ فَواتِ السِّلعةِ أو قبلَ فَواتِها.

فَإنْ فاتَتِ السِّلعةُ؛ فإنَّه لا يَجوزُ لِلمُوكِّلِ أنْ يَرضَى بالثَّمنِ المُؤجَّلِ؛ لأنَّه قَدْ وجَب له على الوَكيلِ التَّسميةُ إنْ كانَ سمَّى له ثَمَنًا، أو القِيمةُ إنْ كانَ لَم يُسَمِّ، فرِضاه بعدَ ذلك بالدَّينِ المُؤجَّلِ فَسخُ دَيْنٍ في دَيْنٍ، وإنْ كانَتِ القِيمةُ أو التَّسميةُ أقَلَّ مِنْ الثَّمنِ المُؤجَّلِ، وهو الأغلَبُ، لَزِمَ مِنه بَيعُ قَليلٍ بأكثَرَ مِنه إلى أجَلٍ، وهو عَينُ الرِّبا على المَشهورِ.

وقيلَ: يَجوزُ له الرِّضا بالمُؤجَّلِ.

وقيلَ: لِلمُوكِّلِ أنْ يُلزِمَ الوَكيلَ القِيمةَ إنْ لَم يُسَمِّ، أو التَّسميةَ إنْ سمَّى، ويَبقَى الثَّمنُ المُؤجَّلُ لِأجَلِه، والمَشهورُ المَنعُ مِنْ ذلك.


(١) «درر الحكام شرح مجلة الأحكام» (٣/ ٦٢٩، ٦٣٠) المادة (١٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>