وقالَ المالِكيَّةُ: الوَكيلُ على بَيعِ شَيءٍ لا يَجوزُ له أنْ يَبيعَه مِنْ نَفْسِه ما وُكِّلَ على بَيعِه، ولو سمَّى له الثَّمنَ، لِاحتِمالِ الرَّغبةِ فيه بأكثَرَ، ما لَم يَكُنْ بعدَ تَناهِي الرَّغَباتِ فيه، أو لَم يَأذَنْ له رَبُّه في البَيعِ لِنَفْسِه، وإلَّا جازَ. ومِثلُ البَيعِ الشِّراءُ؛ فَإنْ فَعلَ خُيِّرَ الآمِرُ بينَ الرَّدِّ والإمضاءِ.
وفي مُقابِلِ المَشهورِ لِلمالِكيَّةِ أنَّه يَجوزُ له أنْ يَبيعَ مِنْ نَفْسِه (١).
وقالَ الشَّافِعيَّةُ: الوَكيلُ بالبَيعِ والشِّراءِ مُطلَقًا لا يَبيعُ ولا يَشترِي لِنَفْسِه، وإنْ أَذِنَ له الوَكيلُ فيه على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ؛ لِتَضادِّ غَرَضَيْ الِاستِرخاصِ له، والِاستِقصاءِ لِلمُوكِّلِ، وقالَ ابنُ سُرَيجٍ: يَصحُّ إنْ أَذِنَ له.
وكذا لو قدَّر له الثَّمنَ ونَهاه عن الزِّيادةِ، لا يَجوزُ، على الصَّحيحِ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدمُ اتِّحادِ المُوجِبِ والقابِلِ مِنْ شَخصٍ واحِدٍ، وليسَتِ العِلَّةُ التُّهمةَ، بَلْ عَدمُ انتِظامِ الإيجابِ والقَبولِ مِنْ شَخصٍ واحِدٍ، وقالَ ابنُ الرِّفعةِ: يَنبَغي أنْ يَجوزَ؛ لِعدمِ التُّهمةِ، ولو وكَّله في هِبةٍ أو دَيْنٍ مِنْ نَفْسِه لَم يَصحَّ لِذلك. وحُكمُ الشِّراءِ في ذلك كالبَيعِ.
قالَ الماوَرديُّ ﵀: فأمَّا إذا جعَل المُوكِّلُ إلى وَكيلِه أنْ يَبيعَ على نَفْسِه أو يَشتَريَ مِنْ نَفْسِه، فمَذهبُ الشَّافِعيِّ ﵀ أنَّه غيرُ جائِزٍ؛ لِمَا فيه مِنْ التَّناقُضِ المَقصودِ، وتَنافِي الغَرَضَيْنِ؛ لأنَّ عَقدَ الوَكالةِ قَدْ أوجَبَ عليه
(١) «الكافي» (١/ ٣٩٦)، و «البيان والتحصيل» (٨/ ١٤٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٦٨)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧٧)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٩٠)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٠٩)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ٢٢٠)، و «حاشية الصاوي» (٨/ ٨٣).