للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب المالِكيَّةُ والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الوَكيلَ بالبَيعِ المُطلَقِ لا يَجوزُ له البَيعُ نَسئيةً.

قالَ المالِكيَّةُ: لأنَّ البَيعَ المُطلَقَ في الشَّريعةِ يَقتَضي التَّقديرَ، بدَليلِ أنَّ مَنْ قالَ لِرَجُلٍ: بِعتُكَ هذا الثَّوبَ بدِينارٍ، فقالَ: قَبِلتُ، اقتَضَى النَّقدَ بحَقِّ الإطلاقِ؛ فإذا كانَ الوَكيلُ إنَّما أذِنَ له في بَيعٍ مُطلَقٍ فكَأنَّه إنَّما أذِنَ له على وَجْهِ المَعقولِ مِنه، وهو النَّقدُ، فلَمْ يَجُزْ بَيعُه على غيرِه.

فَإنْ باعَ بنَسئيةٍ لَم يَلزَمْ ذلك المُوكِّلَ إلَّا برِضاه (١).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: الوَكيلُ بالبَيعِ المُطلَقِ ليسَ له البَيعُ بنَسئيةٍ، وإنْ كانَ أكثَرَ مِنْ ثَمَنِ المِثلِ؛ لأنَّ مُقتَضَى الإطلاقِ الحُلولُ؛ لأنَّه المُعتادُ في الأغلَبِ.

فَإنْ باعَ بنَسيئةٍ لَم يَصحَّ على المَذهبِ، وإنْ سلَّمَ المَبيعَ ضَمِن؛ لِتَعَدِّيهِ، ويَستَرِدُّه إنْ بَقِيَ، وإلَّا غرَّم المُوكِّلُ مَنْ شاءَ مِنْ المُشتَرِي أو الوَكيلِ قِيمَتَه، سَواءٌ كانَ مِثلِيًّا أو مُتقَوَّمًا.

وإنْ قالَ له: بِعْه كَيفَ شِئتَ، صَحَّ بَيعُه بالنَّسيئةِ (٢).


(١) «الإشراف» (٣/ ٨١) رقم (٩٤٠)، و «المعونة» (٢/ ٢٠٦، ٢٠٧).
(٢) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٩٣)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٠١، ٥٠٢)، و «البيان» (٦/ ٤٢٦، ٤٣٣، ٤٣٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٠٣، ٢٠٤)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٦، ٣٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٣، ٤٤)، و «الديباج» (٢/ ٣١٢)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>