للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالِاستِئجارِ عليه؛ لأنَّها تَمَلُّكُ مالٍ بسَبَبٍ لا يَتعيَّنُ عليه، ولأنَّها أحَدُ أسبابِ المِلْكِ؛ فجازَ التَّوكيلُ فيه، كالشِّراءِ والِاتِّهابِ، فيَحصُلُ المِلْكُ لِلمُوكِّلِ إذا قصَده الوَكيلُ له؛ فَإنْ لَم يَنْوِه له وقصَده لِنَفْسِه ملَكه، وانفسَختِ الوَكالةُ.

وهذا بخِلافِ الِالتِقاطِ، فلا يَصحُّ التَّوكيلُ فيهِ؛ لأنَّ المُغَلَّبَ فيه الِائتِمانُ، وكذا الِاغتِنامُ؛ لأنَّه يُستحَقُّ بالحُضورِ، فلا طَلبَ لِلغائِبِ به عندَ الشَّافِعيَّةِ والحَنابِلةِ، فإنِ التَقَطَ أو غَنِمَ كانَ له دونَ المُوكِّلِ.

وذهَب الحَنفيَّةُ والشَّافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأظهَرِ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّه لا يَصحُّ التَّوكيلُ في المُباحاتِ؛ لأنَّ وَضعَ اليَدِ وُجِدَ مِنه، وهو سَبَبُ المِلْكِ، فلا يَنصَرِفُ بالنِّيَّةِ إلى غيرِه؛ لأنَّ المُوكِّلَ لا يَملِكُه عندَ الوَكالةِ، فمَنِ استَولَى عليه ملَكه (١).

قالَ الحَنفيَّةُ: التَّوكيلُ في أخْذِ المُباحِ باطِلٌ؛ لأنَّه يَقتَضي صِحَّةَ أمْرِ المُوكِّلِ بما وُكِّلَ به، وهو أخْذُ المُباحِ، وأمْرُ المُوكَّلِ بأخْذِه غيرُ صَحيحٍ؛ لأنَّه صادَفَ غيرَ مَحَلِّ وِلايَتِه؛ لأنَّ الوَكيلَ يَملِكُه بدُونِ أمْرِ المُوكِّلِ، ومَن تَملَك شَيئًا بدُونِ أمْرِ المُوكِّلِ لا يَصلُحُ أنْ يَكونَ نائِبًا عَنهُ؛ لأنَّ التَّوكيلَ


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩١)، و «البيان» (٦/ ٣٩٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٤)، و «الديباج» (٢/ ٣٠٧)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٤٨)، و «المغني» (٥/ ٥٢)، و «الفروع» (٤/ ٣٠٢)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٥٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤١)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>