للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في خُصومةٍ لا عِلمَ له بها لَم يَزَلْ في مَعصيةِ اللَّهِ حتى يَنزِعَ»، وعَن عَلِيٍّ أنَّه وكَّل عَبدَ اللَّهِ بنَ جَعفَرٍ على الخُصومةِ، وقالَ: إنَّ لِلخُصومةِ قُحَمًا. يَعني اقتِحامَ المَهالِكِ في الِاحتِجاجِ بما لا يَصلُحُ عندَ شِدَّةِ الخِصامِ، انتَهَى (١).

وقالَ البَعليُّ الحَنبَليُّ : قالَ ابنُ عَقيلٍ في فُنونِه: لا يَصحُّ التَّوكيلُ ممَّن علِم ظُلمَ مُوكِّلِه في الخُصومةِ، وقالَ القاضي: قَولُه تَعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥]، يَدُلُّ على أنَّه لا يَجوزُ لِأحَدٍ أنْ يُخاصِمَ عن غيرِه في إثباتِ حَقٍّ، أو نَفْيِه، وهو غيرُ عالِمٍ بحَقيقةِ أمْرِه، وكذا في المُغني في الصُّلحِ عن المُنكَرِ، يُشترَطُ أنْ يَعلَمَ صِدقَ المُدَّعِي، فلا يَحِلُّ دَعوَى ما لا يَعلَمُ ثُبوتَه (٢).

وقالَ ابنُ مُفلِحٍ : ومِن المَعلومِ أنَّ الوَكيلَ يَقومُ مَقامَ المُوكِّلِ؛ لأنَّه نائِبُه وفَرعُه، فلا يَجوزُ له دَعوَى لا تَجوزُ لِأصلِه، فلا يَدَّعِي إلَّا ما يَعلَمُه أو يَظُنُّه حَقًّا، كما سبَق، وكذا قالَ القاضِي في قَوله تَعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥]، يَدُلُّ على أنَّه لا يَجوزُ لِأحَدٍ أنْ يُخاصِمَ لِغيرِه في إثباتِ حَقٍّ أو نَفْيِه وهو عالِمٌ بحَقيقةِ أمْرِه، وذكَر ابنُ الجَوزيِّ هذا، ولَم يُخالِفْه، فدَلَّ على مُوافَقَتِه.

وقالَ ابنُ عَقيلٍ في «الفُنونِ»: لا تَصحُّ وَكالةُ مَنْ عَلِمِ ظُلمَ مُوكِّلِه


(١) «مواهب الجليل» (٧/ ١٣٨).
(٢) «القواعد والفوائد الأصولية» ص (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>